|
|
صفحة: 155
من خدمنا ، ممن يخف موضعه ويلطف محله ، فلبئن صدرا من النهار ثم تنقلن إلى قصة كانت في دارنا مشرفة على بستان الدار ويطلع منها على جميع قرطبة وفحوصها ، مفتحة الأبواب . فصرن ينظرن من خلال الشراجيب وأنا بينهن فإني لأذكر أني كنت أقصد نحو الباب الذي هي فيه أنسا بقربها متعرضا للدنو منها ، فما هو إلا أن تراني في جوارها فتترك ذلك الباب وتقصد غيره في لطف الحركة . فأتعمد أنا القصد إلى الباب الذي صارت إليه ، فتعود إلى مثل ذلك الفعل من الزوال إلى غيره . وكانت قد علمت كلفي بها ولم يشعر سائر النسوان بما نحن فيه ، لأنهن كن عددا كثيرا . وإذ كلهن يتنقلن من باب إلى باب لسبب الإطلاع من بعض الأبواب على جهات لا يطلع من غيرها عليها وأعلم أن قيافة النساء فيمن يميل إليهن أنفذ من قيافة مدلج في الآثار . ثم نزلن إلى البستان فرغب عجائزنا وكرائمنا إلى سيدتها في سماع غنائها ، فأمرتها ، فأخذت العود وسوته بخفر وخجل لا عهد لي بمثله ، وإن الشيء يتضاعف حسنه في عين مستحسنه ثم اندفعت تغني بأبيات العباس بن الأحنف حيث يقول : إنــي طــربــت إلــى شمس إذا غربت شـــمـــس ممــثــلــة فــــي خــلـــــق جـــــاريــة لــســت مـــن الإنــــس إلا فـــي مناسـبة فــالــوجــه جـــوهـــرة والجـــســـم عبهـرة كــأنــهــا حــن تخطو فــي مجاسدهـا كـــانـــت مــغــاربــهــا جــــوف المــقــاصــيــر كـــــأن أعـــطـــافـــهـــا طــــي الــطـــــوامـــــيــر ولا مـــن الجــــن إلا فـــي الــتــصـــــاويــر والــــريــــح عــنــبــرة والـــكـــل مـــن نـــــور تخطوعلى البيض أوحــد للقوارير
|
مطاح
|
|