|
|
صفحة: 48
وسط العين إلى الموق بسرعة شاهد المنع ، وترعيد الحدقتين من وسط العينين نهي عام . وسائر ذلك لا يدرك إلا بالمشاهدة . وأعلم أن العين تنوب عن الرسل ، ويدرك بها المراد والحواس الأربع أبواب إلى القلب ومنافذ نحو النفس ، والعين أبلغها وأصحها دلالة وأوعاها عملا وهي رائد النفس الصادق ودليلها الهادي ومرآتها المجلوة التي بها تقف على الحقائق وتميز الصفات وتفهم المحسوسات . وقد قيل ليس المخبر كالمعاين وقد ذكر ذلك افليمون صاحب الفراسة وجعلها معتمدة في الحكم وبحسبك من قوة إدراك العين أنها إذا لاقى شعاعها شعاعا مجلوا صافيا ، إما حديدا مفصولا أو زجاجا أو ماء أو بعض الحجارة الصافية أو سائر الأشياء المجلوة البراقة ذوات الرفيف والبصيص واللمعان ، يتصل أقصى حدوده بجسم كثيف ساتر مناع كدر ، انعكس شعاعها فأدرك الناظر نفسه وما زاها عيانا . وهو الذي ترى في المرآة ، فأنت حينئذ كالناظر إليك بعين غيرك . ودليل عياني على هذا أنك تأخذ مرآتين كبيرتين فتمسك إحداهما بيمينك خلف رأسك والثانية بيسارك قبالة وجهك ثم تزويها قليلا حتى يلتقيان بالمقابلة ، فإنك ترى قفاك وكل ما وراءك . وذلك لانعكاس ضوء العين إلى ضوء المرآة التي خلفك ، إذ لم تجد منفذا في التي بين يديك ، ولما لم يجد وراء هذه الثانية منفذا انصرف إلى ما قابله من الجسم . وإن صالح غلام أبي إسحاق النظام خالف في الإدراك فهو قول ساقط لم يوافقه عليه أحد ولو لم يكن من فضل العين إلا أن جوهرها أرفع الجواهر وأعلاها
|
مطاح
|
|