|
|
صفحة: 14
والنحول والزفير وسائر دلائل الشجا ما يعرض في العشق ، فصح بذاك أنه استحسان روحاني وامتزاج نفساني . فإن قال قائل : لو كان هذا كذلك لكانت المحبة بينهما مستوية ، إذ الجزآن مشتركان في الاتصال وحظهما واحد فالجواب عن ذلك أن نقول : هذه لعمري معارضة صحيحة ، ولكن نفس الذي لا يحب من يحبه مكتنفة الجهات ببعض الأعراض الساترة والحجب المحيطة بها من الطبائع الأرضية فلم تحس بالجزء الذي كان متصلا بها قبل حلولها حيث هي ، ولو تخلصت لاستويا في الاتصال والمحبة . ونفس المحب متخلصة عالمة بمكان ما كان يشركها في المجاورة ، طالبة له قاصدة إليه باحثة عنه مشتهية لملاقاته ، جاذبة له لو أمكنها كالمغنطيس والحديد ، فقوة جوهر المغنطيس المتصلة بقوة جوهر الحديد لم تبلغ من تحكمها ولا من تصفيتها أن تقصد إلى الحديد على أنه من شكلها وعنصرها ، كما أن قوة الحديد لشدتها قصدت إلى شكلها وانجذبت نحوه ، إذ الحركة أبدا إنما تكون من الأقوى ، وقوة الحديد متروكة الذات غير ممنوعة بحابس ، تطلب ما يشبهها وتنقطع إليه وتنهض نحوه بالطبع والضرورة وبالاختيار والتعمد . وأنت متى أمسكت الحديد بيدك لم ينجذب إذ لم يبلغ من قوته أيضا مغالبة الممسك له مما هو أقوى منه . ومتى كثرت أجزاء الحديد اشتغل بعضها ببعض واكتفت بأشكالها عن طلب اليسير من قواها النازحة عنها ، فمتى عظم جرم المغناطيس ووازت قواه جميع قوى جرم الحديد عادت إلى طبعها المعهود . وكالنار في الحجر لا تبرز على قوة الحجر في الاتصال والاستدعاء
|
مطاح
|
|