|
|
صفحة: 99
الصناعة البحور . وقد حصروها في خمسة عشر بحرا بعنى أنهم لم ي-دوا للعرب في غيرها من الوازين الطبيعية نظما . واعلم أن فن الشعر من بي الكلم كان شريفا عند العرب . ولذلك جعلوه ديوان علومهم وأخبارهم وشاهد صوابهم وخطئهم وأصل يرجعون إليه في الكثير من علومهم وحكمهم . وكانت ملكته مستحكمة فيهم شأن اللكات كلها . واللكات اللسانية كلما إنا تكسب بالصناعة و الرتياض في كلمهم حتى يحصل شبة في تلك اللكة . والشعر من بي فنون الكلم صعب الأخذ على من يريد اكتساب ملكته بالصناعة من التأخرين لستقلل كل بيت منه بأنه كلم تام في مقصوده ويصلح أن ينفرد دون ما سواه فيحتاج من أجل ذلك إلى نوع تلطف في تلك اللكة حتى يفر / الكلم الشعري في قوالبه التي عرفت له في ذلك النحى من شعر العرب ويبرز مستقل بنفسه . ثم يأتى ببيت آخر كذلك ثم ببيت آخر ويستكمل الفنون الوافية بقصوده . ثم يناسب بي البيوت في موالة بعضها مع بعض بحسب اختلف الفنون التى في القصيدة . ولصعوبة منحاه وغرابة فنه كان محكا للقرائح في است-ادة أساليبه وشحذ الفكار في تنزيل الكلم في قوالبه . ول يكفي فيه ملكة الكلم العربي على الطلق بل يحتاج بخصوصه إلى تلطف ومحاولة في رعاية الساليب التي اختصته العرب بها و استعمالها فيه . لنذكر هنا سلوك السلوب عند أهل هذه الصناعة وما يريدون بها في إطلقهم . فاعلم أنها عبارة عندهم عن النوال الذي ينسج فيه التراكيب أو القالب الذي يفر / به . ول يرجع إلى الكلم باعتبار إفادته أصل العنى الذي هو وظيفة العراب ول باعتبار إفادته كمال العنى من خواص التراكيب الذي هو وظيفة البلغة و البيان ول باعتبار الوزن كما استعمله العرب فيه الذي هو وظيفة العروض . فهذه العلوم الثلثة خارجة عن هذه الصناعة الشعرية وإنا يرجع إلى صورة ذهنية للتراكيب النتظمة كلية باعتبار انطباقها على تركيب خاص . وتلك الصورة ينتزعها الذهن من أعيان التراكيب وأشخاصها ويصيرها في ا ) يال كالقالب أو النوال ثم ينتقي التراكيب الصحيحة عند العرب باعتبار العراب والبيان فيرصها فيه رصا كما يفعله البناء في القالب أو النساج في النوال حتى يتسع القالب بحصول التراكيب الوافية بقصود الكلم و يقع على الصورة الصحيحة باعتبار ملكة اللسان العربي فيه فإن لكل فن من الكلم أساليب تختص به وتوجد فيه على أنحاء مختلفة فسؤال الطلول في الشعر يكون بخطاب الطلول كقوله : يا دار مية بالعلياء فالسند ويكون باستدعاء الصحب للوقوف والسؤال كقوله : قفا نسأل الدار التي خف أهلها . أو باستبكاء الصحب على الطلل كقوله : قفا نبك من في ذكرى حبيب ومنزل . أو بالستفهام عن الواب لخاطب غير معي كقوله : ألم تسأل فتخبرك
|
مطاح
|
|