بين الشهادة التاريخية واسطرة الواقع: القصة القصيرة الفلسطينية في ظل الحكم العسكري في اسرائيل- محمود غنايم

صفحة: 146

" حتما أن الله غضب سـاعتئذ ! لكنه لم يفعل شـيئا . " !!! القضية التي اسـتدعي من أجلها أنه عاد إ › أرضه ليفلحها بعد أن كان غرسـها بأشـجار الفاكهة المتنوعة : الكرمة ، التين ، الزيتون ، الرمـان واللـوز . لقد فقد ذلك كله بين ليلـة وضحاها لنه اعت › ف عـداد الغائبين ، رغم أنه بعد طرده لم ي › ك الب › د بل اضطر للسكن ف قرية مجاورة . يتذكر الن ، وهو ف المحكمة ، كيف جاء العمـال ذوو اللحـى الطويلة وحفروا حفرا عميقة كالقبور وزرعوا فيها أشـجار ال › و والكينا والصنوبـر وال › يس . ولم يسـتطع ص › ا فعـاد إ › قريته المهدمة وخلع تلك الشـجار الغريبة فاتهم أنه اعتدى عل أم › ك الدولة ، أو ما تدعى بأم › ك "الكيرن كيمت . " وأخـيرا جـاء دوره ليقف أمام الحاكم ليقـدم ادعاءاته التي نفيت جميعهـا أمام ادعاء "الكيرن كيمـت : " "إن هذا الرجـل حا › غائب .. وبموجب هـذا .. لم تعد قيمة للمسـتندات . " الحاكم الـذي يقرأ الحكم يع › يـه الذهول وتتجمع حبات العرق عل جبينـه ، لنه غير مقتنع بما ينطق مـن حكم . ورغم تغريم أبي محمود بمائة ليرة ودفعه لمصاريف القضية إل أنه ف اليوم التا › حمل فأسه وذهب إ › أرضه ليفلحها ثانية . تتشابه هذه القصة مع قصتي حنا إبراهيم وإميل حبيبي المذكورتين أع › ه ف توازنها ف تصوير الشخصيات اليهودية ، فالقا › يعرض كإنسان له ضمير رغم أنه يمثل السلطة . لقد تصارعت ف نفس القا › المشـاعر ، فهو من جهة يمثل السـلطة الحاكمة وعليه أن يطبق القانون ، ومن جهة أخرى تعتمل ف نفسـه المشـاعر المناقضة فيرى أن هذا القانون ، الذي يعت › هذا الشخص الماثل أمامه شـخصا غائبا ، هو قانون مجحف . فالتصنيف الذي يسـعى إ › إيصاله الكاتب من خـ › ل هذه القصة هنا ليس تصنيفا قوميا ، بل هـو تصنيف طبقي ، › اع بين حاكم ومحكوم وبين ظالم ومظلوم . مما يجذب النظر ف القصة كذلك اسـمها : إسـبانيا ، فالكاتب يحاول أن يربط بين هذا النوع من المحاكم وبين محاكم التفتيش التي لحقت المسـلمين واليهود ف إسـبانيا . وبالرغم من أن السـم يحمل بعدا رمزيا ، لكن السـبب ف إط › ق هذا السـم ، كما يبدو لنا ، هو نوع من التس › أو التهرب من الرقابة ، فعنوان القصة ل يجذب النظر ول يثير الشبهات . وإذا دل ذلك عل › ء فإنما يدل عل مدى تردد الكتاب ف طرح قضايا تتعارض مع الخط الرسـمي لسياسـة الحكومة ف ف › ة الحكم العسكري ، خاصة أن هذه القصة ن › ت ف ف › ة الحكم العسكري ، وف أيامه الخيرة عام . 1965 26 طه ، ، 1969 ص . 30 27 ن . م ، . ص . 35 28 ن . م ، . ص . 36-35

السابق:  |  التالي