بين الشهادة التاريخية واسطرة الواقع: القصة القصيرة الفلسطينية في ظل الحكم العسكري في اسرائيل- محمود غنايم

صفحة: 143

العودة إليها . هذه الفكار ترد عل ذهن سعيد وهو يقف أمام قريته يراقب ما يجري فيها من بعيد . ثم يصل بعد ذلك إ › بيته ، ويرى عظام أخويه وقد أخرجت للتو من ال › اب . كان العمال يحفرون أسسـا لبناء جديد فعثروا عل تلك العظام مدفونة ف الرض . قام سـعيد بدفن عظام أخويه يعاونه ف ذلك شـلومو ، اليهودي من أصل يمني ، إذ رآه مهموما فرق لحاله وهون عليه مأسـاته . وف هذه اللحظات سـمع سعيد مك › الصوت يأتي من قريته التي يعيش فيها اليوم ، "كان ثمة احتفال .. والتمعت عينا سعيد بالحقد والغضب .. واتخذ قرارا حاسما .. إنه لن يعمل ف خدمة المختار بعد اليوم البتة . " نهاية القصة تتشابه مع كثير من قصص حنا إبراهيم ف هذه المرحلة التي يميز فيها بين رموز السـلطة والمواطنين اليهود ، فالقضية ليسـت قضية › اع قومي بـين اليهود والعرب ، بل هو › اع طبقـي ، إذ يصبـح المختـار ف صف رموز السـلطة ، لنه يتماثل معهم ، بل يسـمح له أن يسـقي غنمه من الكيبوتس لن مصلحة تلك الرموز هي مصلحته . وبينما يعاني سـعيد من الظلم ويبكي عل تراب أخويه تكون السـتعدادات عل أشـدها ف بيت المختار › حياء الحتفال بمناسـبة عيد الستق › ل العا › للدولة . اليهودي اليمني ، الذي يرق لحال سعيد ، يقف ف نفس الصـف الذي ل ير › عن ممارسـات السـلطة . هكذا يقـدم حنا إبراهيم ف هـذه القصة فهما ماركسيا لل › اع الدائر بين السلطة وبين المواطن . إميـل حبيبـي ( 1996-1921 ) الذي ينتمـي لهذا التيار كان مـا يزال كاتبا مغمـورا ف بداية مشـواره الدبي ، وقد كتب ف هذه الف › ة عددا قلي › جـدا من القصص القصيرة ، التي لم تؤهله لحتـ › ل مركز أدبي ذي بال ، من أهمها "بوابة مندلبـاوم" التي ن › ت لول مرة عام ، 1954 ثم صدرت فيما بعد ف مجموعته القصصية سداسية ا › يام الستة وقصص أخرى . وتتماثل 14 ن . م ، . ص . 104 15 انظر كذلك قصة "متسللون ، " إبراهيم ، ، 2000 ص ، 78-72 إذ تقدم سارة اليهودية المساعدة لمتسللين عرب فتؤويهم وتقدم لهم الطعام إشفاقا عل العجوز وابنته التي تحمل بين يديها طف . › سارة تمثل المواطن ا ›› ائي › الذي يختلف ف أفكاره وممارساته عن السلطة ، فبعد أن خرج العجوز وابنته وطفلها من بيت سارة باتجاه الحدود لقوا حتفهم عل يد الجيش ا ›› ائي › لعتبارهم متسللين . 16 هذا ال › اع الطبقي ي › ز كذلك ف قصة "متسللون ، " إذ تقدم السلطة ا ›› ائيلية كطرف ظالم ل يقمع العرب فحسب ، بل يسـعى كذلك إ › تضليل اليهود ع › تزييف الحقائق ف وسـائل ا › ع › م وغيرها لتشويه صورة ال › جئين الذين يسبغ عليهم صفة المتسللين الذين يهددون أمن الدولة . 17 حبيبي ، ) 1954 ب ،( ص . 29-25

السابق:  |  التالي