تجربة الوصول الصوفي في تنظير ابي بكر الكلاباذي: نموذج لِبُنية الخطاب وإشكالات المقاربة في مؤلفات القرن الميلادي العاشر- عرين سلامة قدسي

صفحة: 78

وقبـل أن نمعـن ف إط › ق مثل هذه الحكام ، حري بنا التـزام الحيطة ، والمبا › ة ف تناول باقي أجـزاء الكتاب أم › ف بلورة صورة نظرية عامة قد تشـكل أساسـا لنـا ف التعاطي مع مفهوم المعرفة عند الك › باذي باعتباره أحد المناحي المكونة لتجربة الوصول الصوفية . ف القسم التا › من كتاب التعرف ، ويمتد من الباب الحادي والث › ثين إ › الباب الحادي والخمسين ، وجدنـا الك › باذي يطلق مصطلح "علم المعرفة" مقاب › لـ "علم ا › شـارة ، " ذلك الذي تفردت به طائفـة الصوفيـة . أما "علم المعرفة" عنـده ، فهو مجموع تلك العلـوم الخاصة بالحفاظ عل فـروض ال › يعة ، وا › لمام بالصـول الفقهية وعلم المعام › ت ، ثم لزوم النفـس ، ومعرفة آفاتها . وراء هذه العلوم يقوم "علم ا › شارة ، " وهو الذي يعرفه الك › باذي بقوله : وهو العلم الذي تفردت به الصوفية بعد جمعها سـائر العلوم التي وصفناها ، وإنما قيل علم ا › شـارة › ن مشـاهدات القلوب ومكاشـفات ا ›› ار › يمكن العبـارة عنها ع › التحقيـق ، بل تعلم بالمناز › ت والمواجيـد ، و › يعرفها إ › من نازل تلك ا › حوال ، وحل تلك المقامات . مـن هنا ، نلحظ أن علم المعرفة يوازي طور المقامات والزهد ، ف حين ي › ز التصوف بوصفه علم ا › شـارة . أما وضع الك › باذي علم المعرفة إزاء علم ا › شارة وقد كان بإمكانه إط › ق مصطلحات أخـرى عـل طور الزهد والمجاهـدة ، فيبدو لنا مثيرا بحـد ذاته . ونقول إن اسـتعماله مصطلح " معرفة ، " جاء كي ي › ز الطابع ا › شـاراتي الذوقي للفكر الصوف ، وذلك مقابل الطابع ا › دراكي – العق › للفكر ا › سـ › مي السني . فالول علم يدرك من وراء حجاب ، إن جاز لنا توظيف قوالب التعبـير الصوفية ، والثاني ل حجـاب يحول دون إدراك الذهن الب › ي لـه . فكلمة "معرفة" ف اسـتعمال الك › باذي هنا جـاءت بمعنى ا › دراك ، أي إدراك مواضع الضعف ا › نسـاني تحضيرا › ص › حها ، وذلك مقابل المضامين ال › عقلية ف التصوف ، تلك التي ليست تطلب إدراكا عقليا ، بل حسب الصوف استشعارها ذوقا . والم › حظ أن الك › باذي يعنى ف هذا القسم من كتابه ب › ديد الروايات التي ت › بانتحاء التصوف منحى العلوم التي ل تكتسب بالعقل ا › دراكي ، ول يستطيع أحد فهمها بغير التجربة والحدس ، المر الذي اسـتدعى ابتداعا للفاظ تخص هذه التجربة ، وهي ل تحاول وصفها ك › ما بقدر ما وف هذا الصدد ، يذهب نيكولسون إ › أن التصوف ف ناحيته الثيوسوفية / المتصلة بالمعرفة الكشفية theosophical” ) (“ mysticism هو وليد الحكمة اليونانية إ › حد كبير . انظر : نيكولسون ، ، 1946 ص . 13 25 الك › باذي ، ، 1933 ص . 59 26 الك › باذي ، ، 1933 ص . 59

السابق:  |  التالي