جوانب سوريالية في القصيدة العربية الحديثة من خلال قصيدتي (ترتيلة مبعثرة) و (هوية) لأنسي الحاج – امينة حسن

صفحة: 43

* قصيدة » هوية » قصيدة البحث عن الذات يفتـش النا المتكلم ف هذه القصيدة عن نفسـه الب › ية ، ويحاول فضحهـا دون تورية . ويرى بذلك أن الشـعر وسـيلة للتحرير والتنفيس عن هذه الحياة التي تتشكل من خوف وكوابيس ورغبات وما إ › ذلك ، المر الذي قالت به السـوريالية . وقد أكدت السـوريالية أن ظاهر الحياة ل يشـكل نقيضا لباطنها وعليه ، فإنه ف هذه القصيدة ل يستطيع الصخر ضغط الصندوق بل يفتح له المجال لخذ نظارتيه للتنقيب والتفتيش عن خبايا ا › نسان الصميمية ، متخذا بذلك ، كما السـوريا › دربا مغايرة للمعرفة . وهذه الدرب تتجل ف قصيدة "هوية" من خ › ل المزاوجة بين ثنائيات متضادة . إ › جانب ذلك ، نرى أن الحاج يجاور كذلك بين مفردات بصورة غير مألوفة 36 لقـد تناولت دراسـات عديدة الهوية باعتبارها مصطلحا فلسـفيا أو اجتماعيا أو نفسـيا . ومن المجـالت التي تناولت المصطلح ، المجال الدبي سواء ف النقد أو ا › بداع . وقد حظي المصطلح عل مر السنين بتعريفات عديدة ومتفاوتة إحداها يعت › الهوية أمرا ثابتا غير قابل للتغيير أو النماء ، وذلك مقابل تعريفات منطلقها السـا › أن الهوية أمر نام يتطور ويتبدل ع › السـنوات والتجارب التي يتكسـبها ا › نسـان . وف المجمل ، فإن جميع التعريفات نسـبية تتعلق بمنطلقات معينة ، فنجد عل سبيل المثال ديكارت يحدد وجود الهوية بالتفكير من خ › ل فكرته "أنا أفكر إذن أنا موجود . " وإنه لمن الجدير ذكره أن ديكارت ينوب عن التجاه الول الذي تطرقنا إليه أع › ه والذي يشير إ › أن هوية النا أمر ثابت ومستقل بذاتـه . . Edgar , 1999 , p . 184 أمـا التجـاه الثاني فيع › عنـه لوك ، هيوم وغيرهما ليأخـذوا الهوية إ › معان خارج محدودية الذات وخارج الصورة الواحدة أو الموحدة التي اسـتقرت عليها من قبل . ومن المفاهيم التي اكتسـبتها الهوية تلك التي › حها نيتشه حيث الهوية متنوعة تعتمد عل مجمل التجارب التي لم يمر بها ا › نسان بعد ، من هنا اكتسبت الهويـة مفهـوم الخت › ف وال › محدودية . وبالتا › تناط محاولة تعريف الهوية بأسـئلة مثل : "من أريد أن أكون؟ كيف أختار أن أفهم وأف › وجودي . "؟ ف أعقاب ذلك ، تنوعت أشكال الهوية لتظهر لدينا مصطلحات مثل "هوية الخت › ، "ف " الهوية النسـبية ، " "هوية ال › هوية" وغير ذلك . حيال ذلك ، وخاصة ف مرحلة ما بعد الحداثة ، واجهت الهوية أزمة ف تحديدها ، وعوض أن تكون واحدة ومتماسكة ، أصبحت ف الحقبة المشار إليها ، مفتتة ومتعددة حتى ليبدو من الصعب تحديدهـا أو تعريفهـا . فحماوي ، ، 2008 ص . 3-1 ولعل قصيدة الحاج التي بين أيدينا تعكس شـيئا من المأزق الذي تواجهه الذات ف محاولة لتعريفها . وإنه لمن المفيد ف هذا المقام أن نشـير إ › أن الحاج ليس الشـاعر الوحيد الذي سعى إ › تعريف هويته . وقد نشـير عل سـبيل التمثيل ل الح › إ › الشاعر الفلسـطيني محمود درويش ( 1941-2008 ) ف قصيدتـه "بطاقـة هوية" أو قصيدة "أنا ل أنا" للشـاعر المغربي محمد بنيس ( ولـد ( 1948 ف كتاب الحب . راجع : درويش ، ؛ 1968 بنيس ، . 1995 37 يقول الباحث عبد القادر الغزا › ف هذا السـياق ، وتحديدا ف شـعر الحاج الذي يعكس ف جزء منه › اعا للبحث عن الذات : "الكتابة الشـعرية ال › اعية مخاطرة ، ومطاردة؛ ومقام حوار وتخاطب ، لنها مناسـبة للقاء الذات بالذات ، ف صفاتهـا وغموضهـا ، وف هجعتها وانتفاضها . فيها تراقب ، عن كثب ، المشـاهد المضيئة ف الوجـود ، لتتمكن من صهر المعطى ف التجربة ، وهي تكتب وتنكتب بالجسد وع › . "ه راجع : الغزا ، 2007 ،› ص . 473 38 يعت › الحاج من أكثر الشعراء الذين سعوا إ › استعمال مغاير للغة وتجاور متنافر بين المفردات ، وتنعكس ها هنا ، وعل مدار القصيدة كلها ، درجة التشـتت التي أ › نا إليها سـابقا . وف هذا الستعمال للغة لدى الحاج ، يقول أحد الباحثين : " يقيم الشـاعر تحالفات غير متوقعة بين الكلمات فينقلنا من جو الرمزية إ › جو السوريالية . وهذه السوريالية لم تعد شعرا أو محاولة ميتافيزيكية . وإنما تريد نفسها أن تكون تلك الحرية العبثية . " البستاني ، ، 1988 ص . 141 إ › جانب ذلـك ، فقد تميز الحاج بما يسـمى بالكتابة الجوانية والتـي تبناها وتأثر بها من خ › ل الشـاعر الفرن › أنتونان آرتو ( Antonin Artaud ) ( 1896-1948 ) من خ › لها يسعى الحاج إ › استعمال مغاير للغة تنأى عن السطحية ، وتصدر

السابق:  |  التالي