|
|
صفحة: 106
متعارضين وهو الانسجام والتوافق بين الأكاديمية البحثية البحتة وبين الجانب التطبيقي- الميداني ، وبعد مرحلة التأسيس الأولى ، طور المعهد توجهاته؛ من توجهات ذات طابع بحثي يتقصى الواقع ويرتد عليه ليفعل فيه فعل التغيير العضوي ، راحت توجهاته إلى الحالة التطبيقية العينية ، وهو الذي زاد من العقبات والتناقض الذي حاول إدارته الدكتور سامي مرعي مع انعدام الدعم الفكري والمادي للسير جنبا إلى جنب في المسارين مثلما عرضنا أعلاه . يدل تطور نشاط معهد بحث التعليم العربي وتطويره على عدة مراحل ، كلها آلت إلى الانحدار أو توارت في بعضها ، فالاقتراح الأول ( 3 / 1972 ) والذي تقدم به سامي مرعي شكل نوعا من التحدي أمام قسم التربية في جامعة حيفا ونوع من التنافس مع المعهد اليهودي العربي داخل الجامعة نفسها ، إلا أن الاقتراح الأول نال مصادقة الجامعة وتتابعت خطواته بثبات حتى عام ، 1977 والذي تم فيه انجاز الجانب البحثي في عمل المعهد وهي الخطوة التي تؤسس للتطبيق الميداني ، أما في الأعوام 1978-1977 فلقد زاد الاختلاف والتوتر بين المعهد ووزارة المعارف والذي أدى إلى توقف الميزانيات ، وبرغم محاولات دمج ميزانية المعهد مع ميزانية المعهد اليهودي العربي إلا أن هذه المحاولات أيضا لم تلاق النجاح ، ومن عام 1979 وحتى عام 1983 استمرت مراحل القتل البطيء لهذا المشروع الرائد ، إلى حين قام مؤسس المعهد سامي مرعي عام 1983 بتجميد كامل لنشاطه بعد محاولة الدمج مع المعهد اليهودي العربي في الجامعة . مما تقدم من دلائل بحثية نقف على الدور المهم الذي جسده الدكتور سامي مرعي في تطوير جهاز التعليم العربي ، عملية التطوير التي ساندتها الأبحاث النظرية والتطبيقية ومحاولة الربط بينهما بشكل من شأنه أن يطور ويحسن من أداء جهاز التعليم العربي ، ويفعل فيه فعل الارتداد والانعكاس الذي يتلاءم مع الخاصية الثقافية للمدرسة العربية . قاد سامي مرعي إلى هذه المشاريع الجمة من خلال رؤية تربوية متكاملة قلما تكررت بعد ثلاثة عقود من رحيله ، ولقد عمدنا في الفصل نفسه الى تبيان التبصر من جهة والتواصل من جهة أخرى وهو الذي توج بالموقف الجريء والريادي الذي جسده ، والتصميم والمثابرة والصراع الدائم من أجل إحداث النقلة والتغيير في جهاز التعليم العربي من خلال إبراز الدور المهني تارة والترفع عن المناصب أخرى ، والثبات على المبدأ برغم المعيقات وآلام المخاض التي عاناها هذا المشروع التربوي الضخم ، من هنا لن أغالي إذا ما وصفت الباحث سامي مرعي بمشروع تربوي ومجتمعي متكامل ، بل ومسيرة قل ما تقوم بها مجموعة من الباحثين . كما ونجد من خلال السرد الذي قدمته أعلاه أن سامي ورفاقه في المعهد تعارضوا
|
دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات ע"ר
|
|