|
|
صفحة: 70
بسبب حبها لليهود أو للغتهم ، بل لأنها كانت تدرك بان اللغة العبرية هي لغة سامية تماما كالعربية ، ولكن بسبب كونها أمية– لا تجيد القراءة والكتابة ، فقد كانت دائما تقول لي : " يا حفيدي : العبرية هي إحدى لغات الله ، فالله أعطى محمدا القران بالعربية ، ولكن مثل ذلك ، أعطى التوراة لموسى بالعبرية . " على الفور ، كففت عن السخرية من اللغة العبرية ، ليس بسبب معانيها الدينية والتي لم تكن تعني لي شيئا ، ولكني بسبب شعوري بان امرا غاية في الجدية يتعلق بهذه اللغة . منذ ذلك الحين ، أصبح موقفي تجاه اللغة العبرية أكثر جدية وبدأت أحب اللغة . فعندما قررت بأن أتعلم اللغة والأدب العبري في الجامعة العبرية – فان هذا لم يكن قرارا اعتباطيا؛ بالطبع كان هناك العديد من الأسباب الأخرى ، ولكنني سأذكرها فيما بعد ، حتى هذا اليوم ، اشعر بالفخار عند امتداح طلابي ، خاصة اليهود منهم للغتي العبرية . تلقيت دراستي في مدرسة القرية حتى بلغت الصف التاسع فذلك كان أقصى ما يمكن بلوغه في مدرستنا . كنت افتقد الشعور بالاهتمام بتلك المدرسة على وجه التحديد فهي لم تبث لدي روح التحدي ، وفي مرات عديدة نوجب علينا تصحيح معلمينا- اذكر رؤيتي لمجموعة من معلمينا يلعبون في ساحة قريتنا ولم أدرك كيف تسنى لهم بأن يصبحوا معلمين . لم يكن بحوزتنا كتب ، فالسلطات الإسرائيلية قامت بمصادرة العديدة منها ، وحتى لم يكن لدى المعلمين طباشير ليكتبوا بها ، لذلك اضطروا لتكسير الصخور الجيرية البيضاء إلى قطع صغيرة للكتابة بها على اللوح . بالإضافة إلى ذلك لم يكن هنالك ما يكفي من الكراسي والطاولات لأنه تم استعمالها لخدمة اللاجئين الذين مروا بقريتنا ، فغالبيتنا كنا نجلس على الأرض القرفصاء بدلا من الطاولات . الجميع كانوا يتحدثون عن المدارس اليهودية وكيف كانت مجهزة ، بكامل احتياجاتها؛ فكان هناك الكثير من الكتب والطباشير بحوزة المعلمين ، هذا ما كنا نسمعه بان مدارسهم كانت افضل بكثير من مدارسنا . لطالما أعجبت بالمدارس اليهودية بالرغم من عدم رؤيتي إياها أبدا ، ولكنني دائما أردت أن ادرس مع الطلاب اليهود في نفس المدرسة وحتى في نفس الصف ، ليس لأني أحببتهم ولكن بسبب إدراكي لمبادئ وقيم عدة وبسبب حبي لإثبات نفسي لأبناء شعبي ولليهود أنفسهم على الصعيد التعليمي وبأنني كنت على الأقل في مستواهم الثقافي .
|
دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات ע"ר
|
|