|
|
صفحة: 66
على مدى سنتين ، كنت أواجه مثل هذه الأحداث يوميا . خيالي وأحلامي والصورة التي زعمتها لليهودي ازدادت قوة ووضوحا يوما بعد يوم ، هذا اليهودي الذي لم أقابله قط ، ولكن تعايشت معه بعمق أصبح بالنسبة لي واقعا لم أواجهه أبدا . هذا الواقع النفسي كبر وتنامى لدرجة انه أصبح عزيزا على نفسي لسنوات عديدة . بقيت لسنوات عديدة ومن خلال اتصالي بالعديد من اليهود في إسرائيل وانا أرى فيهم صورة تطابق ما رسمته في مخيلتي عنهم . كنت اشعر بالسرور في كل مرة قابلت فيها يهوديا سيئا بما يؤكد صورتهم في ذهني وعزز قناعتي بأني على صواب ، وفي الواقع كنت أتعمد البحث عن الشخصيات اليهودية السيئة حتى اطمئن نفسي بذلك ، ولكن من ناحية أخرى كلما قابلت يهوديا " جيدا" كنت أقول لنفسي ما هو إلا استثناء للقاعدة العامة وبالرغم من ذلك كنت اشعر بخيبة أمل بسبب إدراكي بأن قاعدتي لم تكن صحيحة تماما . في سنوات طفولتي المتأخرة وفي سنوات مراهقتي الأولى كل ما كان يشغلني هو التصنيف السلبي لليهود ، فقد كنت ابحث عن خوض تجارب سيئة مع اليهود ، كنت انتقائيا في القصص التي سمعتها عن اليهود وحتى انتقائيا في تذكري لكل ما كان يتماشى مع مخاوفي ومعتقداتي وأرائي المسبقة . انتهت الحرب حسنا ، في سنة 1948 انتهت الحرب وانتصر علينا اليهود فقد تم الإعلان عن دولة إسرائيل والاعتراف بها . وبالرغم من أن قريتنا وقرى عديدة أخرى لم تقع تحت أيدي القوات الإسرائيلية إلا أننا استيقظنا في صباح يوم لنجد أنفسنا جزءا من دولة إسرائيل . مشاعر الناس كانت مختلفة من النقيض إلى النقيض . فقد كانت النساء في قريتنا الأكثر سعادة وشكرن الله لان أخواتهن وأزواجهن ما زالوا على قيد الحياة . كل النساء كن مسرورات لهذا السبب عدا أمي ، والتي كانت المرأة الوحيدة في قريتنا والتي أصلها من شمال البلاد والتي تحطمت قرية عائلتها بالكامل ولم يتسن لها أن تعرف ما الذي حل بأهلها؛ إخوتها أخواتها وأقربائها . أما فئة كبار السن في قريتنا فكانوا في حالة أسف بسبب خسارتنا للحرب ، ولكن كان من السهل عليهم تقبل هذه الحقيقة وحين نسبوها لإرادة الله والتي لا اعتراض عليها . وكانوا مسرورين لان قريتنا بقيت آمنه وسليمة ، بالإضافة إلى ذلك ، كانوا يشعرون بالفخار الشديد لان أبناء قريتنا ، بخلاف أبناء قرى أخرى ، كانوا كرماء في استضافتهم لأفواج اللاجئين الذين كانوا يمرون عبر قريتنا ، كنا
|
دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات ע"ר
|
|