|
|
صفحة: 49
في سياستها لمحو الهوية القومية عند العرب في هذه الديار أو تشويهها – على أقل تقدير– فإنها ستنجح في غرس الإحساس بدونية العرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص أمام تصاعد أو تنامي فوقية اليهودي ، ولكن كفتها – ليس فقط لم ترجح– بل فشلت فشلا ذريعا لأنها جوبهت " بعمليات التصدي" التي قام وما يزال يقوم بها شعبنا في الداخل . وكان سامي يرى أن للتصدي دورين رئيسيين : أولهما : المحافظة على أصالة الهوية والانتماء ، وثانيهما : إثراء هذه الهوية ، وكان طبيعيا أن يصلح هنا تطبيق قانون الطبيعة العام وهو أن لكل فعل رد فعل ، بمعنى أنه كلما ازدادت عمليات القهر والقمع وتشويه الهوية ومحاولات تذويبها بشتى السبل التي تخطط لها المؤسسة وتحاول تنفيذها ، ازدادت " عمليات التصدي" عند شعبنا ومن ثم اتضحت ملامح الهوية القومية عند الفلسطينيين في هذه الديار – خاصة – أكثر وأكثر . ولقد بين سامي العوامل الأساسية الفاعلة في الشخصية الفلسطينية : وكان للتفاعل العضوي المستمر بين جماهيرنا الفلسطينية من جهة والثورات التحررية والإنسانية من جهة أخرى ، أكبر الأثر في تقرير " فشل المؤسسة الإسرائيلية فشلا ذريعا ، " وذلك بسبب التناقض بين هوية هذه المؤسسة الـ " كولونيالية ، " وهوية جماهيرنا الفلسطينية النضالية المتفاعلة مع " عصر ثوري متوهج بشعاع الأصالة والتحرر . " إذن لم تكن منظومة التصدي الفلسطينية لسياسة المؤسسة الإسرائيلية معزولة عن الهبات والثورات الشعبية التحررية ، بل كانت هذه الثورات تغذي الإنسان الفلسطيني بقوة معنوية هائلة وطاقة نضالية لا حدود لها ، لمقاومة كل أساليب القهر والعدمية وتذويب الهوية القومية التي تقوم بها المؤسسة الإسرائيلية بتخطيط مدروس ، كما كانت هذه الثورات كذلك المعلم والهادي لشعبنا الفلسطيني في مسيرته البطولية . وهكذا ساهمت عوامل متعددة في " إثراء الهوية الفلسطينية" بينها عوامل خارجية أبرزها ثورة عبد الناصر وشخصيته الفذة ، ثم ثورة الجزائر ، وعوامل داخلية أبرزها أدب المقاومة أو الأدب المقاتل الذي أبدعه أدباؤنا وشعراؤنا ومغنونا الشعبيون حيث كان هذا الأدب ، بكل إشكاله ، ملهما للإبداع ومحركا للطاقات الخلاقة الكامنة في نفوس جماهيرنا . ولا ننسى الأثر الكبير الذي أحدثه تلاحم الشعب الواحد في الداخل وفي المناطق المحتلة بعد عام 1967
|
دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات ע"ר
|
|