|
|
صفحة: 46
وكان يقول : " قد تغتصب الأرض ولكن الوعي يبقى وسيبقى حرا طليقا يعطي الأرض قيمتها" . ( 30 ) وبما أن " الوطن وعي - " أولا وقبل كل شيء- فلا يمكن شراؤه ، إذ " قد تشتري أملاك شعب بأكمله وقد تغتصب هذه الأملاك ، ولكنك لا تملك وطنه لأن وطنه وعيه والوعي لا يشترى ولا يمتلك . ( 31 ) " .. من هنا فإن مركز الوجود الفلسطيني هو هذه الأرض العربية في الجليل والمثلث والنقب والأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة ، لأن هذه الأرض- ما دامت موجودة- حتى وهي " مغتصبة" كلها أو أجزاء منها – تبقى وطنا .. تبقى وعيا ووجودا فلسطينيين لا يمكن إنكارهما . لأن " الوعي الوطني يرتبط بالتجربة مع الأرض" ، ( 32 ) هذه الأرض التي تعيش المعاناة ، والتي تجعل الفلسطيني صاحب تجربة مغايرة لتجارب الآخرين مما يجعله مبدعا أكثر من الآخرين وصاحب شخصية متميزة عن الآخرين كذلك . وفي كل ذلك ما يجعل هذه الرقعة من العالم مركزا روحيا – عدا كونها مركزا جغرافيا وتاريخيا– مليئا بعبق العصور الفلسطينية ، ومجد الأيام الخوالي ، وموسيقى الخلود التي تعزفها الطبيعة المتفردة لهذا المركز – في الحقيقة وفي الخيال – بكل ما في الطبيعة من جمال وسحر وفتنة ورونق ، ولذلك مهما ابتعد الفلسطيني أو أبعد عن هذا المركز –جغرافيا – يظل مشدودا إليه بقوة لا تقهر وبحب لا يغلب . ويظل هذا الوطن المركز الروحي المليء بعبق العصور الفلسطينية . أما تأثره بالعقلية المهجرية فنستطيع الاشارة اليه من خلال سامي المنفعل بتجربة " الأرض الوطن الوعي" والمبدع – بسبب ذلك – في المجالات الفكرية المتعددة والهادفة لخدمة الإنسان الفلسطيني وبناء غد أجمل للأجيال الفلسطينية القادمة ، كان ينتقد " المفكرين والباحثين الفلسطينيين" الموجودين في الشتات لأنهم يقولون عنا نحن في الوطن– " البقايا ، " والذين " بقوا يرون بأن المهجر الفلسطيني هو المركز للشعب الفلسطيني ، والموجود على أرضه هو نوع من الحواشي" . ( 33 ) والغريب أن هذا التفكير يراود فلسطينيين يقيمون في وطنهم الأم حيث يشعرون بأن " المهجر هو المركز .. والوطن هو الهامش" فيتحركون ويعملون من هذا المنطلق . وعد سامي هذه العقلية " عقلية مهجرية" فدعا . 30 نفس المصدر . . 31 أنظر : المواكب 1984 / 3 , 4 ص 89 . 32 نفس المصدر . 33 استخدم هذا المصطلح في محاضراته عن الانتماء .. واقدر انه لم ينشر هذا المصطلح لأنه كما يبدو كان يبلوره يوما بعد يوم ، وهو يذكره في مذكراته .
|
دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات ע"ר
|
|