|
|
صفحة: 41
مكثفة أو في سفره الطويل من حيفا إلى بير زيت ، ومن عكا إلى قرى الشاغور والجليل الأعلى ، أو المثلث . وقد تحدث سامي عن هذا الموضوع في المحاضرة التي ألقاها في " أسبوع الثقافة الفلسطينية" في لندن أواخر تشرين الثاني سنة ، 1983 ثم نشرت تلك المحاضرة بالانجليزية في كراس خاص ، ونشرها بالعربية في عددين متتاليين من "المواكب" تحت عنوان "التربية والثقافة والهوية" . ( 22 ) ولصياغة هذا التصور الشامل لا بد أن يتناسق أمران ، أولهما رؤية فلسفية اجتماعية تشع في خطة العمل وتوجهها ، وثانيهما تقديم تصور مفصل للمبنى التربوي ومضامينه يتسع من عالم المدرسة ومعاهد التعليم إلى آفاق النشاطات التربوية والثقافية المختلفة في شتى الميادين . وقد رسم سامي الخطوط الأولية الرئيسية للرؤية الفلسفية فقال " : إن النشاط التربوي الثقافي الفلسطيني أينما حدث يجب أن يكون محررا بمضامينه وأساليبه مهما تعددت ويجب أن تتعدد . " وإذا لم يكن محررا للفرد والجماعة كان عقيما لا بل معرقلا للمد الثوري في الوعي الوطني . يجب أن تكون الفعالية التربوية والثقافية ، فعالية توعية صادقة في ثوريتها ، وإذا صدقت نشطت ، وكلما نشطت ازدادت مصداقيتها ، وطمحت أكثر واقتربت من تحقيق ذاتها . ولهذا يجب أن تكون الفعالية الثقافية مكونا عضويا ومنسجما مع الإستراتيجية العامة للتحرير بمعناه السياسي والاجتماعي . والتحرير ، كهدف ديناميكي ، يجب أن يتعدى الأبعاد السياسية المؤطرة ليصل إلى أعماق الشعب ، ويدفع قطاعاته المقهورة إلى تحررها ليس فقط السياسي بل الاجتماعي والاقتصادي ايضا وبهذا يحرر الطفل والفقير والمرأة من القهر الخارجي والداخلي على حد سواء . ( 23 ) في هذه الفقرة يكثف سامي رؤيته العامة في صياغة دقيقة حين نتأملها ندرك الابعاد التركيبية الجدلية العلمية لمدلولاتها ، وأشير هنا إلى بعض مرتكزاتها الرئيسية : رؤية التحرير وقد اقترن فيه الجانب السياسي بالجانب الاجتماعي اقترانا عضويا . فالثورية لا تتجزأ ، والثورة التي تقصر هدفها بالجانب السياسي تنكبح فيها أماني الشعب التحررية بعد حين ، ولا بد من رؤية اجتماعية تحررية ثورية متزامنة ، بل مشعة على الرؤية السياسية . ومن هنا كان التأكيد على " الإستراتيجية العامة للتحرير بمعناه السياسي والاجتماعي . " إنها ثورة وطنية ، تتعدد فيها الاجتهادات . 22 أنظر : مرعي ، سامي . ( 1985 ) التربية والثقافة والهوية . المواكب ، 4-3 ص . 78 . 23 أنظر : مرعي ، سامي . ( 1985 ) العلاقة السيكيولوجية بين الفن والوطن ، مقدمة غير منشورة كتبها سامي للوحات أحد الفنانين .
|
دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات ע"ר
|
|