سامي مرعي الإنسان والباحث بين التنوع والأصالة

صفحة: 33

وهو دراسة في التربية عند الأقليات ، وهو دراسة تتجاوز الحضارة الواحدة ، وهو بالطبع دراسة في شؤون الشرق الأوسط . وفي الحقيقة فإنه يلائم الوسط الذي تلتقي فيه كل هذه المجالات ، وهو موجه ليس فقط إلى المختصين ولدارسي العلوم الاجتماعية ، بل أيضا إلى أولئك الذين لهم دور في التخطيط والتربية والعمل الاجتماعي والشؤون الحضارية والسياسية" . ( 17 ) هذه الكلمات تعكس بوضوح مفهوم التربية والعمل التربوي عند سامي ، وتفسر نشاطه الجم في المجالات العديدة التي أشار اليها , لذلك تراه يحاضر في المؤتمرات العلمية التي شارك فيها حول تحديات التربية العربية في اسرائيل ، وعن الموهبة والموهوبين في الحضارة العربية ، وعن التغيرات الحضارية والبنيوية للعائلة العربية ، وعن التقليد والتجديد وعن التأثيرات الحضارية والاجتماعية والسياسية على الاستشارة عند " المقهورين" العرب في ( إسرائيل ) إلى غير ذلك من المواضيع التي تتسع وتتقاطع لتكون شبكة متداخلة يتصل فيها العلم الثاقب والرؤية الواضحة والمقدرة على ربط التفاصيل الدقيقة والخروج منها بتحليل نظري ممتع ( قنازع ، . ( 1986 رفض الدكتور سامي مرعي العديد من المحاولات لإخراجه من دائرة نشاطه الأصيل إلى ما هو شخصي ، وهو الشخص الذي عبرت مسيرته وعطاؤه عن ترفعه عن المناصب أيا كانت؛ فكانت مبادراته العديدة في المجال الفكري والمهني والسياسي قد أثارت وللوهلة الأولى نقد البعض لها كما لو كانت مبادرة من قبله لتحسين مكانته ووضعه الشخصي إلا أنه سرعان ما بان بأن غاياته كانت أسمى ، وهكذا راوده حلم تأسيس الجامعة العربية ، وحلم إقامة معهد أبحاث التعليم العربي ، ومركز إحياء التراث العربي ، ومركز رعاية الطفل وغيرها ممن رأى فيه محطة أولى في التشكل المجتمعي . وكان ناشطا سياسيا ، وهو من المبادرين الأوائل لتأسيس الحركة التقدمية ولمجلة المواكب وغيرها ، وهي جزء من مسيرة سامي العامة والتي نادرا ما تتكرر ، وهو الذي نعاه القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إبان تأبينه وقال : " كوكبة مثابرة ، نقدر مشورته ونحس بخسارته ،" ( 18 ) وهو ما يعبر بأمانة عن الدور الذي جسده سامي وتميز بحضوره الرائد في حيزه الجماهيري وتوظيف الآليات البحثية للتنمية المجتمعية لدى الفلسطينيين . بروفسور رمزي سليمان يتحدث عن تميز سامي الأكاديمي ( 19 ) بقوله : " كان له مشروع محدد ، واحد من الناس الذين أغبطهم ، كان عنده هوية علمية وأكاديمية محددة ، الأسئلة عنده كانت واضحة في رأسه ، وهذا شيء . 17 بروفسور جورج قنازع ينعى سامي مرعي من على صفحات مجلة المواكب ، . 1986 . 18 القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يقدم رسالة نعي لسامي مرعي / 05 / 17 . 1986 . 19 مصدر سابق .

السابق:  |  التالي