|
|
صفحة: 23
لقد عايش سامي سنوات الحرب ورسخت في ذاكرته أحداثها ومخلفاتها الدامية ، الأحداث التي يستعيدها في مذكراته ، ( وإن يكن أخفق في طريقة التعبير عن تلك الحرب عندما ساوى بين الجلاد والضحية ) في قوله : " عندما كان العرب واليهود متورطين في الحرب الدامية والتي استهدفت الأراضي الفلسطينية أتذكر سماعي للكثير من القصص المشينة حول ما كان يفعله اليهود بالعرب آنذاك ، بعد ذلك بمدة طويلة أدركت أن بعض هذه القصص كانت حقيقية وبعضها الأخر كان خياليا . ولكن ، بالنسبة لي كانت كلها على الإطلاق حقيقية ، خاصة أن قريتنا كانت تعج باللاجئين العرب والذين لجأوا إلى القرية قادمين من منطقة الكرمل . كنت أرى مدى شعورهم بالخوف وكيف كانت الأمهات والأبناء يبكون . ما زلت أذكر كيف كنا نتقاسم كمية الحليب الضئيلة مع العديد من الأولاد الذين سكنوا بجوار بيتنا . " ثم عندما يتحدث عن آثار الحرب وتفاصيلها يبين الأثر الواضح الذي تركته اعتداءات اليهود على نفسه ونفوس العرب جميعا ، فيقول : " لن أنسى مهما حاولت كيف كانت تتجمع النساء في الخارج ليتبادلن القصص عن اللاجئين واليهود بالطبع ، وكانت ، قصص اللاجئين مفعمة بالعاطفة والمشاعر ، أما عن اليهود فكانت مفعمة بالكراهية والسخط . وفي العديد من المرات شاهدت نساء يرفعن رؤوسهن عند الصلاة طالبات من الله عونه على اليهود وعلى أعمالهم . ما لن أنساه أبدا هو احدى القصص والتي كانت تسرد مرارا وتكرارا من النساء عن امرأة لاجئة وصلت إلى بلدتنا تاركة بلدتها ، هذه الأم اكتشفت بأن ما تحمله بين يديها لم يكن ابنها الصغير الذي كان في المهد وإنما وسادته ، كل النساء كن يقلن كيف جن جنون هذه المرأة وما الذي فعلته بنفسها عقب ذلك ، كلما تذكرت هذه القصة زاد اضطرابي وقلقي : آنذاك كان لي أخ صغير ما زال في المهد . " ومن الوقائع التي ترسخت في ذهن سامي ، تدمير قرية الكابري مسقط رأس والدته ، وعنها يحدثنا : " لقد تواردت الأخبار السيئة على مسامع أمي عن قريتها ( الكابري ) والتي تبعد بضعة أميال عن عكا والتي دمرت بالكامل ، كانت عائلتها تسكن هناك ولم تتمكن أمي من معرفة مصيرهم . قالت جدتي : رأيت في المنام بأنهم تمكنوا من الهرب ، وبأنهم قد أصبحوا لاجئين؛ فهذا هو أفضل ما كان بإمكانها أن تأمله على مدى سنوات ، ثم علمنا بأنهم أصبحوا في عداد اللاجئين وأنهم قد تمكنوا من الهرب في منتصف الليل واستقروا في مخيمات اللاجئين في لبنان وسوريا . "
|
دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات ע"ר
|
|