|
|
صفحة: 10
دائما إلى مجتمعه باحثا عن أفضل سبيل لخدمته ولتقدمه . من هنا كان اهتمامه بتعليم الأقليات ، وكان سعيه لإنشاء معهد خاص بدراسة التعليم العربي في البلاد ووضع الخطط للنهوض به إلى حيث يجب أن يكون ، بعيدا عما يراد له أن يكون . ولكن الأمور لم تسر كما شاء بل سارت كما شاء من لا يرغب في مصلحة المجتمع العربي في البلاد ، وإن كان المظهر غير ذلك . لعل أهم ما يميز الفكر التربوي والرؤية الشمولية عند سامي مرعي هو ما جاء في مقدمة كتابه " التعليم العربي في إسرائيل" الصادر عن مطبعة جامعة سيراكوس سنة ، 1978 إذ يقول : " يمكن أن يعتبر هذا الكتاب دراسة لحالة معينة ، إلا أنه يثير تساؤلات ويبرز مشاكل وقضايا ذات مدلول عالمي . فالكتاب هو دراسة في التربية والسياسة ، وهو دراسة في التربية المقارنة ، وهو دراسة للتربية في مجتمع متطور ، وهو دراسة للتربية عند الأقليات ، وهو دراسة تتجاوز الحضارة الواحدة ، وهو بالطبع دراسة في شؤون الشرق الأوسط . وفي الحقيقة فإنه يلائم الوسط الذي تلتقي فيه كل هذه المجالات ، وهو موجه ليس فقط للمتخصصين ولدارسي العلوم الاجتماعية ، بل أيضا لأولئك الذين لهم دور في التخطيط والتربية والعمل الاجتماعي والشؤون الحضارية والسياسة " . فإذا أضفنا لهذه الأقوال اهتمام سامي في أبحاثه ومقالاته الأخرى- في مجال التربية المقارنة- بالأطفال والفقراء والمرأة رأينا أنه يسعى لوضع إطار تربوي يتخطى الحدود الضيقة إلى المجال العالمي ليصبح سامي بذلك مفكرا بعيدا عن التعصب الضيق ، يسعى لرفاهية الجميع ولبناء علاقات إنسانية طبيعية مبنية على الشخصية السوية في كل زمان ومكان . غادرنا سامي ولما يكمل الخمسين من عمره ، وقد كان في أوج النضوج الفكري والعطاء . ونحن حين نرى ما عمل في سنوات عمره القصير العريض نشعر بالأسى لأننا نقدر أنه كان سيستمر على النهج الذي اختطه لنفسه قائدا تربويا ومفكرا مبدعا يطور الأسس النظرية ويحولها إلى آليات عملية مثمرة . أقول هذا لأن التربية والتعليم هي الأساس الذي تبنى عليه شخصية الفرد والمجتمع ، وقد أدرك سامي هذا الأمر وجعله نهج حياته وعمله المفضل . ليس عبثا أنه جهد كثيرا ليحقق ما سعى إليه ، فقد زرع بذورا نمت وترعرعت وما زالت ، ولكن الحاضنة التي كان من المقرر أن تأتي بنتائج أسرع وأفضل ، وهي مركز دراسة التعليم العربي وتطويره ، لم تعمر طويلا ولم تعط ثمارا ننعم بها اليوم . إلا أن الأفكار لا تموت ، وكذا هي الحال مع أفكار سامي . هذه الأفكار والأعمال أتيح لها اليوم من ينقب عنها ليضعها في إطار علمي يثبتها في ذاكرتنا الجمعية وينبه الأجيال الشابة إلى دور مهم قام به سامي مرعي في ظروف صعبة وتحديات لا يستهان بها . يعرض هذا الكتاب حياة
|
دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات ע"ר
|
|