|
|
ومن آفات الحب أيضا الهجر ، وهو على ضروب : فأولها هجر يوجبه تحفظ من رقيب حاضر؛ وإنه لأحلى من كل وصل ، ولولا أن ظاهر اللفظ وحكم التسمية يوجب إدخاله في هذا الباب لرجعت به عنه ولأجللته عن تسطيره فيه . فحينئذ ترى الحبيب منحرفا عن محبه مقبلا بالحديث على غيره معرضا بمعرض لئلا تلحق ظنته أو تسبق استرابته . وترى المحب أيضا كذلك . ولكن طبعه له جاذب ، ونفسه له صارفة بالرغم ، فتراه حينئذ منحرفا كمقبل ، وساكنا كناطق ، وناظرا إلى جهة نفسه في غيرها . والحاذق الفطن إذا كشف بوهمه عن باطن حديثهما علم أن الخافي غير البادي ، وما جهر به غير نفس الخبر ، وأنه لمن المشاهد الجالبة للفتن والمناظر المحركة للسواكن الباعثة للخواطر المهيجة للضمائر الجاذبة للفتوة . ولي أبيات في شيء من هذا أوردتها . وإن كان فيها غير هذا المعنى على ما شرطنا ، منها : يــلــوم أبــــو الــعــبــاس جــهــا بطبـعـه كما عير الحـــوت النعامة بالصدى ومنها : وكـــم صــاحــب أكــرمــتــه غــيــر طــائــع ومـــــا كـــــان ذاك الـــبـــر إلا لـــــغـــــيــره ولا مــــكــــره إلا لأمـــــــر تـــــعـــــمـــــدا كــمــا نــصــبــوا للطير بــالحـ...
إلى الكتاب
|
مطاح
|
|