|
|
جدي الطاعن › السن ، بات يعرض عن حب الفصول أكثر كلما تقدم به العمر ، كان يبحث لكل واحد منها عن عيوب ، الصيف الدبق ، والخريف المتقلب ، والشتاء عدو العظام والمفاصل ، والربيع الصبياني المزركش . قلت له بعا › الصوت : يــا جدي ، تعال نجلس تحت التينة › باحة الدار ، كــي تحكي › حكاية جديدة . فمضغ كلتا شفتيه وباطن خديه الضامرين ، ولكزني بحربة العصا الرقيقة مســته › ســؤاله : ألم يقطع والدك العنيد تلك التينة بعد؟ ثم › ك باطن فمه من جديــد ، ولكزني بالعصا مرة أخرى ، وسكت . لمع › عيني الدمع ، وع › أطــراف فمي اللعاب ع › ا › ثر ، فســارع أبي القريب منا إ › ضمي ، مســتبقا صوتي الم › وخ الذي سيخدش السمع إن بكيت ، ثم سحبني من يدي إ › الخارج وهو يقول : › تخش شيئا يا بني ، سأداوي تلك الشجرة › الحال . غاب أبي بعــض الوقت وظهر مــن جديد حام › منجل جدي الصدئ ، وبدأ بطعن جذع التينة الغليظ المحدب ، باضا اللحاء › أكثر من مكان حتى ســال الحليب البارد فوق الســاق الخشن ، ثم وقف وقفة الواثق المطم › وهو يخاطبني : _ لن يسقط الثمر قبل أوانه بعد ا › ن . كنت عرفت أبي الهادئ منذ ع › ســنين ، لكني لم أعرفه حكيما أكثر من...
إلى الكتاب
|
دار راية للنشر
|
|