|
|
صفحة: 203
وأخذت زيي طرقني فكر فسنحت لي أبيات ، ومعي رجل من إخواني فقال لي : ما هذا الإطراق؟ فلم أجبه حتى أكملتها ، ثم كتبتها ودفعتها إليه وأمسكت عن المسير حيث كنت نويت . ومن الأبيات : أراقــــــك حــســن غــيــبـــــه لـــــك تـــــأريــق وقـــــرب مـــــزار يــقــتــضــي لـــك فـــــرقــة ولـــــذة طــعــم مــعــقــب لـــك عــلـــــقـــــمـــــا وتــبــريــد تــوصــل ســــره فــيــك تحــريــق وشكا ولــولا القرب لم يك تفريق وصــابــا وفــســح فــي تضاعيفه ضيق ولو لم يكن جزاء ولا عقاب ولا ثواب لوجب علينا إفناء الأعمار وإتعاب الأبدان وإجهاد الطاقة واستناد الوسع واستفراغ القوة في شكر الخالق الذي ابتدأنا بالنعم قبل استئقالها ، وأمتن علينا بالعقل الذي به عرفناه ، ووهبنا الحواس والعلم والمعرفة ودقائق الصناعات ، وصرف لنا السموات جارية بمنافعها ، ودبرنا التدبير الذي لو ملكنا خلقنا لم نهتد إليه ، ولا نظرنا لأنفسنا نظره لنا ، وفضلنا على أكثر المخلوقات ، وجعلنا مستودع كلامه ومستقر دينه ، وخلق لنا الجنة دون أن نستحقها ، ثم لم يرضى لعباده أن يدخلوها إلا بأعمالهم لتكون واجبة لهم : قال الله تعالى : ( جزاء بما كانوا يعملون . ( رشدنا إلى سبيلها وكصرنا وجه ظلها ، وجعل غاية إحسانه إلينا وامتنانه علينا حقا من حقوقنا قبله ، ودينا لازما له ، وشكرنا على ما أعطانا من الطاعة التي رزقنا قواها ، وأثابنا بفضله على تفضله . وهذا كرم لا تهتدي إليه العقول ، ولا يمكن أن تكيفه الألباب . ومن عرف ربه ومقدار رضاه وسخطه هانت عنده اللذات الذاهية والحطام
|
مطاح
|
|