|
|
صفحة: 165
بقليل ولا كثير إذا فاتها اتفاقه معها وسلامته لها . إلى أن توفي أخي رحمه الله في الطاعون الواقع بقرطبة في شهر ذي القعدة سنة إحدى وأربعمائة ، وهو ابن اثنتين وعشرين سنة ، فما انفكت منذ بان عنها من السقم الدخيل والمرض والذبول إلى أن ماتت بعده بعام في اليوم الذي أكمل هو فيه تحت الأرض عاما . ولقد أخبرتني عنها أمها وجميع جواريها أنها كانت تقول بعده : ما يقوى صبري ويمسك رمقي في الدنيا ساعة واحدة بعد وفاته إلا سروري وتيقني أنه لا يضمه وامرأة مضجع أبدا ، فقد أمنت هذا الذي ما كنت أتخوف غيره ، وأعظم آمالي اليوم اللحاق به . ولم يكن له قبلها ولا معها امرأة غيرها ، وهي كذلك لم يكن لها غيره ، فكان كما قدرت . غفر الله لها ورضي عنها . وأما خبر صاحبنا أبي عبد الله محمد بن يحيى بن محمد بن الحسين التميمي ، المعروف بابن الطنبي . فإنه كان رحمه الله كأنه قد خلق الحسن على مثاله أو خلق من نفس كل من رآه ، لم أشد له مثلا حسنا وجمالا وخلقا وعفة وتصاونا وأدبا وفهما وحلما ووفاء وسؤددا وطهارة وكرما ودماثة وحلاوة ولباقة وإغضامو عقلا ومروءة ودينا ودارية وحفظا للقرآن والحديث والنحو واللغة ، وشاعرا مفلقا حسن الخط ، وبليغا مفننا ، مع حظ صالح من الكلام والجدال ، وكان من غلمان أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي يزيد الأزدي أستاذي في هذا الشأن ، وكان بينه وبين أبيه اثنا عشر عاما في السن ، وكنت أنا وهو متقاربين في الأسنان . وكنا أليفين لا نفترق ، وخذنين لا يجري
|
مطاح
|
|