|
|
صفحة: 129
المصيبة الحالة وهو قاصمة الظهر ، وداهية الدهر ، وهو الويل ، وهو المغطى على ظلمة الليل ، وهو قاطع كل رجاء ، وماحي كل طمع والمؤيس من اللقاء . وهنا حادث الألسن؛ وانجذام حبل العلاج ، فلا حيلة إلا الصبر طوعا أو كرها . وهو أجل ما يبتلي به المحببون ، فما لمن دعى به إلا النوح والبكاء إلى أن يتلف أو يمل ، فهي القرحة التي لا تنكي ، والوجع الذي لا يفنى ، وهو الغم الذي يتجدد على قدر بلاء من اعتمدته ، وفيه أقول : كــــــــــــــــــل بـــــــــــــــــــــــــن واقــــــــــــــــــــــــــــــــع لا تـــــــــعـــــــــجـــــــــل قـــــــــــــنـــــــــــــطـــــــــــــا والــــــــــــــــــــــذي قـــــــــــد مـــــــــــــــات فــــــــال فـــــــــــمـــــــــــوجـــــــــــي لــــــــــــــــم يــــــفـــــــــــــت لــــــــــــم يــــــــفــــــــت مــــــــــــن لــــــــــــم يمــــت يــــــــــــــــــأس عـــــــــنـــــــــه قـــــــــــــد ثـــــبـــــــــــت وقد رأينا من عرض له هذا كثيرا . وعني أخبرك أني أحد من دهى بهذه الفادحة وتعدلت له هذه المصيبة ، وذلك أني كنت أشد الناس كلفا وأعظمهم حبا بجارية لي ، كانت فيما خلا اسمها نعم . وكانت أمنية المتمني وغاية الحسن خلقا وخلقا وموافقة لي ، وكنت أبا عذرها ، وكنا قد تكافأنا المودة ، ففجعتني بها لأقدار واحترمتها الليالي ومر النهر وصارت ثالثة التراب والأحجار . وسيء حين وفاتها دون العشرين سنة ، وكانت هي دوني في السن ، فلقد أقمت بعدها سبعة أشهر لا أتجرد عن ثيابي ولا تفتر لي دمعة على جمود عيني وقلة إسعادها . وعلى ذلك فوالله ما سلوت حتى الآن . ولو قبل فداء لفديتها بكل ما أملك من تالد وطارف وببعض أعضاء جسمي العزيزة علي مسارعا طائعا وما طاب لي عيش بعدها ولا نسيت ذكرها ولا أنست بسواها .
|
مطاح
|
|