|
|
صفحة: 113
الحب فقط . وهذا أمر كان يطول جدا إذ الكلام فيه يتفتن كثيرا . خبر : ومن أرفع ما شاهدته من الوفاء في هذا المعنى وأهوله شأنا قصة رأيتها عيانا ، وهو أني أعرف من رضي بقطيعة محبوبه وأعز الناس عليه؛ ومن كان الموت عنده أحلى من هجر ساعة في جنب طيه لسر أودعه ، وألزوم محبوبه يمينا غليظة ألا يكلمه أبدا ولا يكون بينهما خبر أو يفضح إليه ذلك السر . على أن صاحب ذلك السر كان غائبا فأبى من ذلك وتمادى وهو على كتمانه والثاني على هجرانه إلى أن فرقت بينهما الأيام . ثم مرتبة ثانية وهو الوفاء لمن غدر ، وهي للمحب دون المحبوب ، وليس للمحبوب هاهنا طريق ولا يلزمه ذلك ، وهي خطة لا يطيقها إلا جلد قوي واسع الصدر حر النفس عظيم الحلم جليل الصبر حصيف العقل ماجد الخلق سالم النية . ومن قابل الغدر بمثله فليس بمستأهل للملامة ، ولكن الحال التي قدمنا تفوفها جدا وتفوتها بعدا . وغاية الوفاء في هذه الحال ترك مكافأة الأذى بمثله ، والكف عن سيء المعارضة بالفعل والقول ، والتأني في جر حبل الصحبة ما أمكن ، ورجيت الألفة ، وطمع في الرجعة ، ولاحت للعودة أدنى مخيلة ، وشيمت منها أقل بارقة ، أو توجس منها أيسر علامة . فإذا وقع اليأس واستحكم الغيظ حينئذ والسلامة من غرك والأمن من ضرك والنجاة من أذاك ، وأن يكون ذكر ما سلف مانعا من شفاء الغيظ فيما وقع ، فرعى الأذمة حق وكيد على أهل العقول ، والحنين إلى ما مضى وألا ينسى ما قد فرغ منه وفنيت مدته أثبت الدلائل على
|
مطاح
|
|