|
|
صفحة: 107
عادت المحبة نفارا ، وذلك الأنس شرودا ، والقلق إليها قلقا منها ، ونزاعه نحوها نزاعا عنها ، فيبيعها بأوكس الأثمان هذا كان دأبه حتى أتلف فيما ذكرنا من عشرات ألوف الدنانير عددا عظيما ، وكان رحمه الله مع هذا من أهل الأدب والحذق الذكاء والنبل والحلاوة والتوقد ، مع الشرف العظيم والمنصب الفخم والجاه العريض . وأما حسن وجهه وكمال صورته فشيء تقف الحدود عنه وتكل الأوهام عن وصف أقله ولا يتعاطى أحد وصفه . ولقد كانت الشوارع تخلو من السيارة ويتعمدون الخطور على باب داره في الشارع الآخذ من النهر الصغير على باب دارنا في الجانب الشرقي بقرطبة إلى الدرب المتصل بقصر الزاهرة ، وفي هذا الدرب كانت داره رحمه الله ملاصقة لنا ، لا لشيء إلا للنظر منه . ولقد مات من محبته جوار كن علقن أو هامهن به ، ورثين له فخانهن مما أملنه منه ، فصرن رهائن البلى وقتلتهن الوحدة . وأنا أعرف جارية منهن كانت تسمى عفراء ، عهدي بها لا تتستر بمحبته حيثما جلست ، ولا تجف دموعها ، وكانت قد تصيرت من داره إلى البركات الخيال صاحب الفتيان . ولقد كان رحمه الله يخبرني عن نفسه أنه يمل اسمه فضلا عن غير ذلك . وأما إهوانه فإنه تبدل بهم في عمره على قصره مرارا ، وكان لا يثبت على زي واحد كأبي براقش ، حينا يكون في ملابس الملوك وحينا في ملابس الفتاك . فيجب على من امتحن بمخالطة من هذه صفته على أي وجه كان ألا
|
مطاح
|
|