|
|
صفحة: 104
وحضرت مقام المعتذين بين أيدي السلاطين ، ومواقف المتهمين بعظيم الذنوب مع المتمردين الطاغين ، فما رأيت أذل من موقف محب هيمان بين يدي محبوب غضبان قد غمره السخط وغلب عليه الجفاء . ولقد امتحنت الأمرين وكنت في الحالة الأولى أشد من الحديد وأنفذ من السيف ، لا أجيب إلى الدنية ولا أساعد على الخضوع ، وفي الثانية أذل من الرداء ، وألين من القطن ، أبادر إلى أقصى غايات التذلل ، وأغتنم فرصة الخضوع لو نجع ، وأتحلل بلساني ، وأغوص على دقائق المعاني ببياني ، وأفنن القول فنونا ، وأتصدى لكل ما يوجب الترضي . والتجني بعض عوارض الهجران ، وهو يقع في أول الحب وآخره ، فهو في أوله علامة لصحة المحبة ، وفي آخره علامة لفتورها وباب للسلو . خبر : واذكر في مثل هذا أني كنت مجتازا في بعض الأيام بقرطبة في مقبرة باب عامر في أمة من الطلاب وأصحاب الحديث ، ونحن نريد مجلس الشيخ أبي القاسم عبد الرحم بن أبي يزيد المصري بالرصافة أستاذي رضي الله عنه ، ومعنا أبو بكر عبد الرحمن بن سليمان البلوي من أهل سبتة ، وكان شاعرا مفلقا وهو ينشد لنفسه في صفة متجن معهود أبياتا له ، منها : ســـريـــع إلـــــى ظـــهـــر الـــطـــريـــق وإنــــه إلــى نقض أســبــاب المـــودة يسرع يــــطــــول عـــلـــيـــنـــــــا أن نـــــــرفـــــــع وده إذا كــــــان فـــــي تـــرقـــيـــعـــه يــتــقـــــطـــــع فوافق إنشاد البيت الأول من هذين البيتين خطور أبي الحسين بن علي الفاس رحمه الله تعالى وهو يؤم أيضا مجلس ابن أبي يزيد ، . 1 اللمة بالضم؛ الاصحاب . . 2 لعل الأصل أسرع .
|
مطاح
|
|