|
|
صفحة: 22
تأكدا شديدا أكثر بهما جدهما بغير معنى ، وتضادهما في القول تعمدا ، وخروج بعضهما على بعض في كل يسير من الأمور ، وتتبع كل منهما لفظة تقع من صاحبه وتأولها على غير معناها ، كل هذه تجربة ليبدو ما يعتقده كل واحد منهما في صاحبه . والفرق بين هذا وبين حقيقة الهجرة والمضادة المتولدة عن الشحناء ومخارجة التشاجر سرعة الرضى ، فإنك بينما ترى المحبين قد بلغا الغاية من الاختلاف الذي لا يقدر يصلح عند الساكن النفس السالم من الأحقاد في الزمن الطويل ولا ينجبر عند الحقود أبدا ، فلا تلبث أن تراهما قد عادا إلى أجمل الصحبة ، وأهدرت المعاتبة ، وسقط الخلاف وانصرفا في ذلك الحين بعينه إلى المضاحكة والمداعبة ، هكذا في الوقت الواحد مرارا . وإذا رأيت هذا من اثنين فلا يخالجك شك ولا يدخلنك ريب البتة ولا تتمارى في أن بينهما سرا من الحب دفينا ، واقطع فيه قطع من لا يصرفه عنه صارف . ودونكها تجربة صحيحة وخبرة صادقة . هذا لا يكون إلا عن تكلف في المودة وائتلاف صحيح ، وقد رأيته كثيرا . ومن علاماته أنك تجد المحب يستدعي سماع اسم من يحب ، ويستلذ الكلام في أخباره ويجعلها هجيراه ، ولا يرتاح لشيء ارتياحه لها ولا ينهه عن ذلك تخوف أن يفطن السامع ويفهم الحاضر ، وحبك الشيء يعمي ويصم . فلو أمكن المحب ألا يكون حديث في مكان يكون فيه إلا ذكر من يحبه لما تعداه . ويعرض للصادق المودة أن يبتدئ في الطعام وهو له مشته فما هو إلا وقت ، ما تهتاج له من ذكر من يحب صار الطعام غصة في الحلق وشجى في المرء . وهكذا في
|
مطاح
|
|