|
|
صفحة: 16
فالظاهر أن النفس حسنة وتولع بكل شيء حسن وتميل إلى التصاوير المنقنة ، فهي إذا رأت بعضها تثبتت فيه ، فإن ميزت وراءها شيئا من أشكالها اتصلت وصحت المحبة الحقيقية ، وإن لم تميز وراءها شيئا من أشكالها لم يتجاوز حبها الصورة ، وذلك هو الشهوة . وإن للصور لتوصيلا عجيبا بين أجزاء النفوس النائية . وقرأت في السفر الأول من التوراة أن النبي يعقوب عليه السلام أيام رعيه غنما لابن خاله مهرا لا بنته شارطه على المشاركة في إنسالها ، فكل بهيم ليعقوب وكل أغر للأبان ، فكان يعقوب عليه السلام يعمد إلى قضبان الشجر يسلخ نصفا ويترك نصفا بحاله ، ثم يلقى الجميع في الماء الذي ترده الغنم ، ويتعمد إرسال الطروقة في ذلك الوقت فلا تلد إلا نصفين ، نصفا بهما ونصفا غرا . وذكر عن بعض القافة أنه أتى بابن أسود لأبيضين ، فنظر إلى أعلامه فرآه لهما غير شك . فرغب أن يوقف على الموضع الذي اجتمعا عليه . فأدخل البيت الذي كان فيه مضجعهما ، فرأى فيما يوازي نظر المرأة صورة أسود في الحائط ، فقال لأبيه : من قبل هذه الصورة أتيت في إبنك . وكثيرا ما يصرف شعراء أهل الكلام هذا المعنى في أشعارهم ، فيخاطبون المرئي في الظاهر خطاب المعقول الباطن ، وهو المستفيض في شعر النظام إبراهيم بن سيار وغيره من المتكلمين ، وفي ذلك أقول شعرا ، منه :
|
مطاح
|
|