|
|
صفحة: 283
بكر بن وائل . قال : كلا ، والله ، لا تفرج بكر بن وائل إلا على الشيخ الأصم ، يعثر في ريطته ، فيمنعه الكرم من أن يرفعها قائده ، فيضعها على عاتقه . فلما أصبحوا ، جاءت تغلب يقودها عمرو بن كلثوم ، حتى جلس إلى الملك . وقال الحارث بن حلزة لقومه : إني قد قلت خطبة ، فمن قام بها ظفر بحجته ، وفلج على خصمه . فرواها ناسا منهم . فلما قاموا بين يديه لم يرضهم . فحين علم أنه لا يقوم بها أحد مقامه . قال لهم : والله إني لأكره أن آتي الملك ، فيكلمني من وراء سبعة ستور ، وينضح أثري بالماء إذا انصرفت عنه -وذلك لبرص كان به- غير أني لا أرى أحدا يقوم بها مقامي ، وأنا محتمل ذلك لكم ، فانطلق حتى أتى الملك . فلما نظر إليه عمرو بن كلثوم قال للملك : أهذا يناطقني ، وهو لا يطيق صدر راحلته؟ فأجابه الملك حتى أفحمه ، وأنشد الحارث قصيدته : “ آذنتنا ببينها أسماء ، ” وهو من وراء سبعة ستور ، وهند تسمع . فلما سمعت قالت : تالله ما رأيت كاليوم قط رجلا يقول مثل هذا القول ، يكلم من وراء سبعة ستور ! فقال الملك : ارفعوا سترا ، ودنا ، فما زالت تقول ، ويرفع ستر فستر ، حتى صار مع الملك على مجلسه . ثم أطعمه من جفنته ، وأمر ألا ينضح أثره بالماء ، وجز نواصي السبعين الذين كانوا في يديه من بكر ، ودفعها إلى الحارث ، وأمره ألا ينشد قصيدته إلا متوضئا ، فلم تزل تلك النواحي في بني يشكر بعد الحارث . ( 3 ) وقام عمرو بن كلثوم ، فأنشد جزءا من معلقته مفتخرا على خصومه ، غير منتبه لمركز الملك ، وما يلزم لمداراته واستمالته ، فحكم عمرو بن هند . 1 < الريطة : الثوب الأبيض الرقيق . . 2 فلج : ظفر ، وانتصر . . 3 ابن الأنباري : شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات ص ؛ 371 - 370 والخطيب التبريزي : شرح القصائد العشر ص . 320 - 318 . 4 وقيل : كل معلقته ، وهذا بعيد لما في القصيدة من إشارة إلى حادثة زيارة الشاعر مع أمه للملك كما سنفصل لاحقا .
|
مطاح
|
|