|
|
صفحة: 25
فقالوا : اللهم غفرا . إنما قدمنا في أمر نتناسى به ذكر ما سلف ، ونستدرك به ما فرط فليبلغ ذلك عنا . فخرج عليهم في قباء ، ( 1 ) وخف وعمامة سوداء ، وكانت العرب لا تعتم بالسواد إلا في الترات . ( 2 ) فلما نظروا إليه قاموا له وبدر إليه قبيصة : إنك في المحل والقدر والمعرفة بتصرف الــدهــر ، ومــا تحدثه أيــامــه ، وتتنقل بــه أحــوالــه ، بحيث لا تحتاج إلى تبصير واعظ ، ولا تذكرة مجرب ، ولك من سؤدد منصبك وشرف أعراقك ، وكرم أصلك في العرب محتمل يحتمل ما حمل عليه من إقالة العثرة ورجوع عن هفوة . ولا تتجاوز الهمم إلى غاية إلا رجعت إليك . فوجدت عندك من فضيلة الرأي وبصيرة الفهم وكرم الصفح في الذي كان من الخطب الجليل ، الذي عمت رزيته نــزارا واليمن ، ولم تخصص كندة بذلك دوننا ، للشرف البارع . كــان لحجر التاج والعمة فــوق الجبين الكريم ، وإخــاء الحمد وطيب الشيم ، ولو كان يفدى هالك بالأنفس بعده لما بخلت كرائمنا على مثله ببذل ذلك ولفديناه منه . ولكن مضى به سبيل لا يرجع أولاه على أخـــراه ، ولا يلحق أقــصــاه أدنـــاه ، إمــا أن اخــتــرت مــن بني أسد أشرفها بيتا وأعلاها في بناء المكرمات صوتا ، فقدناه إليك بنسعه يــذهــب مـــع شـــفـــرات حــســامــك فــيــقــال : رجــل امتحن بهلك عزيز ، فلم تستل سخيمته إلا بتمكينه من الانتقام ، أو فداء بما يروح من بني أســد مــن نعمها ، فهي ألـــوف تجـــاوز الحسبة ، فـــكـــان ذلــــك فـــــداء رجـــعـــت بـــه الــقــضــب إلــى . 1 القباء : ثــوب يلبس فــوق الثياب ، وهو ما نسميه القنباز . . 2 التراث : الواحدة ترة : الانتقام . . 3 النسعة : سير يشد به الخف في الرجل . . 4 السخمة : الضغينة .
|
مطاح
|
|