|
|
صفحة: 88
فمن هذا تعلم أن اللكة هي غير صناعة العربية وإنها مستغنية عنها بالملة وقد ند بعض الهرة في صناعة العراب بصيرا بحال هذه اللكة وهو قليل واتفاقي وأكثر ما يقع للمخالطي لكتاب سيبوبه . فإنه لم يقتصر على قواني العراب فقط بل مل كتابه من أمثال العرب وشواهد أشعارهم وعباراتهم فكان فيه جزء صالح من تعليم هذه اللكة فت-د العاكف عليه والصل له قد حصل على خط من كلم العرب واندرج في محفوظه في أماكنه ومفاصل حاجاته . وتنبه به لشأن اللكة فاستوفى تعليمها فكان أبلغ في الفادة . ومن هؤلء الخالطي لكتاب سيبويه يغفل عن التفطن لهذا فيحصل على علم اللسان صناعة ول يحصل عليه ملكة . وأما الخالطون لكتب التأخرين العارية عن ذلك إل من القواني النحوية م-ردة عن أشعار العرب وكلمهم ، فقل ما يشعرون لذلك بأمر هذه اللكة أو ينتبهون لشأنها فت-دهم يحسبون أنهم قد حصلوا على رتبة في لسان العرب وهم أبعد الناس عنه . وأهل صناعة العربية بالندلس ومعلموها أقرب إلى تصيل هذه اللكة وتعليمها من سواهم لقيامهم فيها على شواهد العرب وأمثالهم والتفقه في الكثير من التراكيب في م-الس تعليمهم فيسبق إلى البتدئ كثير من اللكة أثناء التعليم فتنقطع النفس لها وتستعد إلى تصيلها وقبولها . وأما من سواهم من أهل الغرب و أفريقية و غيرهم فأجروا صناعة العربية م-رى العلوم بحثا و قطعوا النظر في التفقه في كلم العرب إل أن أعربوا شاهدا أو رجحوا مذهبا من جهة القتضاء الذهني ل من جهة محامل اللسان وتراكيبه . فأصبحت صناعة العربية كأنها من جملة قواني النطق العقلية أو الدل وبعدت عن مناحي اللسان وملكته وأفاد ذلك حملتها في المصار وآفاقها البعد عن اللكة في الكلية ، وكأنهم ل ينظرون في كلم العرب . وما ذلك إل لعدولهم عن البحث في شواهد اللسان وتراكيبه وتييز أساليبه وغفلتهم عن الران في ذلك للمتعلم فهو أحسن ما تفيد اللكة في اللسان . وتلك القواني إنا هي وسائل للتعليم لكنهم أجروها على غير ما قصد بها وأصاروها علما بحتا وبعدوا عن ثمرتها . وتعلم ما قررناه في هذا الباب أن حصول ملكة اللسن العربي إنا هو بكثرة الفظ من كلم العرب حتى يرتسم في خياله النوال الذي نس-وا عليه تراكيبهم فينسج هو عليه و يتنزل بذلك منزلة من نشأ معهم وخالط عباراتهم في كلمهم حتى حصلت له اللكة الستقرة في العبارة عن القاصد على نحو كلمهم . والله مقد المور كلها والله أعلم بالغيب .
|
مطاح
|
|