|
|
صفحة: 184
7 إن أهـم ما يميز شـعر حداد ( وهـي ميزة تتعاظم كلما أصدر الشـاعر ديوانـا جديدا ) هو ذلك التشـابك المثير بين البسـاطة وال › كيب أو بين السذاجة والتعقيد . وينطبق هذا عل المضامين وعل الواقع الذي تعكسـه القصائد وعل "الفكار" أو "المشـاعر" التي تكمن وراء هذه الشعار ، وأخيرا وليس آخرا – عل المبنى الشعري والصيغة السلوبية . فعل المسـتوى المضموني قلما نجد عند ميشيل حداد ، لول نظرة ، مظاهر التفلسف والفكر الديالكتيكـي . فالموضـوع أو "القصة" ف قصائد حداد تتخذ لها مسـارا مسـتقيما مطردا بحيـث تذكرنا أحيانا بقصص الجدة أو أسـلوب القاص الشـعبي . والعالم الموصوف يبدو لنا بسـيطا وف اتجاه واحد ومسـتقيم عل الغلب . ولكننا نلمح بين السطور ، وبعد النتهاء من قراءة القصيدة الواحدة ، أمورا غير مفهومة تفسـد جو "السـذاجة ، " وتدعونا إ › التأمل والتسـاؤل : هل هذه السـذاجة حقيقية فع › أم هي أيرونية؟ والتساؤل نفسه يعاود المتأمل ف مبنى القصائد وتسلسـل النص فيها . و › عان ما يتضح لنا أن عالم ميشـيل حداد ليس بسيطا أبدا وصيغته الشعرية أبعد ما تكون عن السطحية . وميشـيل حداد يلغي الحواجـز والحدود بين "النواع" و "البـواب ، " وبين "النا" و "الخر" بشكل ملحوظ تماما . فمث ،› قصيدة "لثغة ف سخاء السنين" ( يجد القارىء نصها ف ملحق هذا المقال ) هي ف أساسـها مرثية قيلت تأبينا لصديـق راحل هو الديب الن › اوي محمود كناعنة ، ولكنها تبدأ بمجموعة من ذكريات طفولة الشاعر نفسه ف النا › ة ، وتنتهي بمشاهد مـوت المرثـي ودفنه ف عرابة . وهذا الرثاء أشـد وقعـا ف النفس وأعمق إنسـانية من الرثاء التقليدي ، أو من مراثي الشـعراء الرومانسـيين العرب التي كانت تميل عادة إ › السـلوب التقليدي . ثم إن القصيدة المذكورة تصبح فيما بعد أوسـع رقعة وأشـمل موضوعا ، فتذكرنا بمضامين قومية وحتى سياسية . وهذا النتقال من موضوع إ › آخر ، ومن "باب" إ › "باب ، " ل يصـدع الوحدة العضويـة للقصيدة ول يفكك من أثرها العـام ، وذلك بخ › ف ما كنا نراه ف القصيـدة التقليدية من عدم ترابط أعضائهـا وأبياتها ومقاطعها . ( 10 ) فالوحدة العضوية تخلفها هنا سلسـلة الرموز وا › يحاءات اللغوية ، بل وترديد كلمات وحروف معينة تكتسـب مفاهيـم وإيحاءات جديـدة كل مرة تتكرر فيها ، ولكنها تندمج آخـر المر ف الثر العام أو ( 10 ) راجـع ما كتبـه عباس محمود العقاد ف الجزء الثاني من كتاب الديوان ( 1921 ) حول قصيدة شـوقي ف رثاء مصطفى كامل .
|
مجمع اللغة العربية
|
|