الصياغة الشعرية والمضمون الجديد

صفحة: 112

مث . › فالنص الدبي ف ع › نا ل يعتمد عادة عل ا › لقاء الشفوي ، بل يقت › نسيجه عل سلسـلة من الكلمات المكتوبة ، اختارها المؤلف ورتبها بشـكل معـين ليع › بها عن فكرة أو صورة أو إحسـاس ، وليؤثر عل قارئه باتجاه خـاص . وعل هذا الختيار وال › تيب اللغويين يعتمد أول وأخيرا نجاح الثر الدبي أو فشله ، ومن خ › ل ذلك أيضا يتكون المضمون الخاص بهذا النص . ت › ز أهمية الصياغة اللغوية ف خلق مضمون الشعر بشكل خاص . فالشعر فن لغوي يمتاز عن غيره من الفنون اللغوية بشدة ال › كيز والحساسية الوظيفية القصوى لكل جزء صياغي فيه . إن كل عن › من عنا › الصياغة الشـعرية يساهم ف إحياء النص أو قتله . والهم من ذلك : كل عن › صياغي يسـاهم ف إنشـاء البناء المتكامل للمضمون . ولكل شـاعر أو أديب لغته الخاصة به . فإذا حاول شاعران كبيران نظم قصيدتين ف وصف منظر واحد ، أو شعور معين واحد ، أو حادثة معينة شـاهداها معا ، فسـتكون النتيجة حتما إنشـاء قصيدتين لكل منهما مضمونها الخاص بها ، تبعا لخت › ف التجاه الصياغي واللغوي للشاعرين . بل حتى لو حاول هذان الشاعران نقل خ › صحاف معين إ › لغة الشعر فالنتيجة لن تكون أبدا نظما آليا مماث ،› وإنما سيتولد "مضمونان" مختلفان إ › حد بعيد ! وإذا قارنا بين المدارس الدبية المختلفة ، أو بين نتاج الجيال الدبية المتعاقبة ، رأينا أن الفرق بـين مدرسـة وأخرى ، أو جيل أدبي وآخر ، ل ينح › ف "المضامـين" أو التجاهات الفكرية والشـعورية ، بل تعداه إ › الصياغـة اللغوية ، كما أن تبلور اللغـة الجديدة هو أهم ما يميز المدرسة الدبية الجديدة . إن كل ثورة أدبية لجيل من الدباء عل الجيل السالف تنطوي عل ثـورة لغوية صياغية . فإذا راجعنا ، عل سـبيل المثال ، البيانات الثوريـة التي واكبت تطور الشـعر العربي ف القرن الع › ين ( مث : › بعض فصول الغربال لميخائيل نعيمة ، والديوان للعقاد والمازني ، ومقالت أدونيس ف مجلة شـعر ف السـتينات ، ومقدمة ديوان لن لن › ( 2 ) الشـعر الجاه ،› وقسـم كبير من الشعر العربي القديم عامة ، كان شعرا ينظم بقصد إلقائه ، ربما لم يكن يكتب أصـ › عـل ورق وإنما يرتجـل ارتجال . ومن هذا المنطلق يكون النص ف الشـعر الجاهـ › المكتوب بمثابة نص " غير كامل ، " بمعنى أنه يحتاج إ › ا › لقاء الم › ئم لكي يتكامل فنيا . أما الشعر الحديث -العربي والعالمي عل حد سـواء- فأغلب شـعرائه يكتبون قصائدهم للقراءة الصامتة أص ،› وإن كان هذا المر يعني خلو الشعر المعا › من العنا › ا › يقاعية من قافية ووزن أو عل أقل تقدير –إيقاع شعري خاص . ( 3 ) قـارن مثـ › بين القصيدة والمقال الصحفـي . إن كاتب المقال يع › ف المقام الول عن الفكـرة . فإذا كانت الفكرة مرتبة ترتيبا منطقيا واضحا ، ل نستطيع أن نزعم أن المقال الذي يع › عنها فاشل لمجرد ضعف الصياغة اللغوية فيه . أما القصيدة فالصياغة اللغوية فيها هي الساس الذي يعول عليه المضمون نفسه .

السابق:  |  التالي