ثلاثية نجيب محفوظ: المنعطف الاسلوبي

صفحة: 34

- ما هي ثقافة الفكر؟ والقـارىء يدرك طبعا البون الشاسـع بين "الفكـر" كما يراه البن المثقـف ثقافة ع › ية ، ويعني به الفلسـفة والدب الراقي والعلم الحديث وما أشـبه وبـين "الفكر" عند الب الذي يمثل ، بثقافته الضحلة القديمة ، عالم القرن التاسع ع ،› بل عالم العصور الوسطى إ › حد ما . إن معنى الكلمة ف نظره ل يتعدى ما نجده ف "الفكر تاه" وما شابه . وطبيعي أن يتعذر التفاهم بين شخصيتين من هذا النوع ، بل إن الصدام حتمي بينهما . إن أديبا يسـتطيع استغ › ل اللغة ليكشف لنا بها ، بإيجاز وبشكل حاد جدا ، عن شخصيتين وعالمين متصادمين ، لهو أديب كبير دون شـك . وجـ › أن الكاتب قد بلغ ، ف هذا المر أيضا ، مرحلـة جديـدة ف أدبه مـن خ › ل كتابة الث › ثيـة ، وإن كان واعيا من قبـل أيضا ، ف بعض الحيان ، لخطورة العن › اللغوي ف تشكيل الشخصيات وتحريكها . 6 ننتقـل الن إ › مظهر أسـلوبي آخر ، يعت › خير وسـيلة لختبار قدرة الديـب ، أي أديب ، ف التعبير الدبي الفني ، أل وهو مجال السـتعارة والتشـبيه ف النص الدبي . وليسـت الع › ة طبعا بالتشـبيهات والسـتعارات المفاجئة الغريبة التي تخلب لب القارئ ، إنما السـاس ف ذلك أن يكون التشـبيه نابعا من المضمون ، يعكس الحالة أو الجو أو الفكرة بأمثل الطرق . فمن المهم أن يكون التشـبيه وظيفيا ، وأن يعكس التشـبيه ، ف القصة أو الرواية ، شـيئا من نفسـية الشخصية أو الشخصيات التي يستخدم بصددها . لنأخذ مثال ممتازا لذلك من بين الق › ين . ينظر السيد إ › راقصة تدعى زبيدة فيصور الكاتب نظرته تلك عل النحو التي : فجـرى ب › ه ع › جسـمها › عجلـة ونهم كما يجـري الفأر ع › جـوال أرز ليجد لنفسه منفذا . ( 1 / 104 ) إن نجاعـة هذا التشـبيه وحذقـه تتجل لنا إذا عرفنا أن السـيد تاجر حبـوب يعمل بتجارة الرز وما شـابه ، وهكذا فإن التشـبيه الذي يعتمد الجوال والفأر هو جزء عضوي من العالم الشـخ › الخاص للرجل ، وعليه فإن الكاتب ل يقدم للقارئ تشبيها جمي › فحسب ، وإنما يتيح له أيضا أن يطل عل العالم الداخ › للشخصية . من المهم طبعا أن يكون التشـبيه مبتكرا ، أو بعبارة أخرى : أن يشهد عل م › حظة شخصية واضحة يقرن فيها أمرين أو أكثر بشـكل لم يطرقه أحد . وها نحن نورد من الث › ثية بعض

السابق:  |  التالي