تجربة الوصول الصوفي في تنظير ابي بكر الكلاباذي: نموذج لِبُنية الخطاب وإشكالات المقاربة في مؤلفات القرن الميلادي العاشر- عرين سلامة قدسي

صفحة: 80

ينقل عن أحد شـيوخ المتصوفة تقسيمه للمعرفة إ › نوعين : معرفة حق ، ومعرفة حقيقة . ثم إن الك › باذي يتلو ذلك بتفسيره لماهية هذين النوعين مشيرا إ › أن معرفة النوع الول توازي مفهوم التوحيـد " ) فمعرفـة الحق إثبات وحدانيـة الله تعا › عل ما أبرز من الصفـات" ،( ف حين أن معرفة الحقيقة تعني اع › اف الصوف بعجزه عن إدراك حقيقة الله ، أو حقيقة صفاته ونعوته . وبكلمـات أخرى ، يدرك الصوف العـارف وحدانية الله بناء عل مجموعة الصفات التي نسـبها الله لنفسـه ( ف نص القرآن ؛ ( بيد أنه غير قادر عـل فهم ماهية هذه الوحدانية ، وإدراك حقيقة الصفـات ا › لهيـة . ومع تبلور الفكر الصوف ف ا › سـ › م ، اتخذ مفهوم التوحيـد أبعادا مختلفة ، وفهـم عل منـاح متفاوتة بلغت عنـد بعض المتصوفـة ، وأبرزهم محيي الدين بـن عربي ( ت : ،( 1240 / 638 مفهوم وحدة الوجود . ولسنا هنا بصدد الخوض ف مفهوم التوحيد عند الجنيد ، ذلـك الـذي يكثر الك › باذي من نقل أقواله ف هذا المقام ، عل أننا نكتفي من القول با › شـارة إ › أن "توحيـد الخواص" عند الجنيد ليس يوازي المفهوم ا › سـ › مي للتوحيد؛ بل هو توحيد القلب والشـهود الـذي يبلغه الصوف عند فنائه عن نفسـه ، وبقائه "شـبحا قائما بين يـدي الله ليس بينهما ثالث . " أما محور التجديد ف نظرية الجنيد ، كما يراه أبو الع › عفيفي ، فيتمثل فيما نظر إليه الجنيد حول وجود النفوس الب › ية قبل اتصالها بالجسـاد ف حالة اتصال بالله ، وبعد أن هبطت إ › العالم ، نسيت النفوس ذلك التوحيد الص . › إ › جانب الوجه ا › سـ › مي التنزيهي لمفهوم التوحيد؛ ل يتورع الك › باذي عن ا › شـارة إ › الوجه الشهودي ف التوحيد ، وما يتصل به من أحوال المعرفة والفناء . ومن القوال التي يسوقها ف هذا الصدد : "إذا عرفه الحق إياه أوقف المعرفة حيث ل يشـهد محبة ول خوفا ول رجاء ول فقرا ول غنى؛ لنها دون الغايات ، والحق وراء النهايات ، " ثم تتل هذه المقولة بتفسـير الك › باذي ، يقول فيه : "معناه أنه [ أي الصوف [! ل يشهد هذه الحوال؛ لنها أوصافه ، وأوصافه أق › من أن تبلغ ما يسـتحقه الحق من ذلك . " فالمقولة المقتبسـة تشـير إ › أن المحبة والخوف والرجاء ، والفقر والغنـى ، كلها صفات ب › ية يفنى عنها الصوف إذا ما أبلغه الله حال المعرفة . ويأتي الك › باذي بأبيات من الشعر تدلل عل معنى الدهش الناتج عن اللقاء بين الصوف والله ، ذلك الدهش الذي يـؤدي بالصـوف العارف إ › حال ل يعرف فيها حي هو أم ميت : "من حار ف دهشـة الت › قي / أب › ته ميتا كحي . ( ولسـنا نغفل عن التشـابه بين هذه الفكرة وما ذهب إليه الجنيد ف وصف 31 الك › باذي ، ، 1933 ص . 101 32 عن مفهوم التوحيد عند الجنيد ومن نهج نهجه من أصحاب المدرسـة التي اعت › مؤسسـها انظر : عفيفي ، ، 1963 ص ؛ 178-168 وكذلك . Arberry , 1950 , pp . 57- 59 33 الك › باذي ، ، 1933 ص . 102

السابق:  |  التالي