|
|
صفحة: 73
* الاتصال الأول الحقيقي : تعودنا الذهاب للتسوق في المدينة الأقرب إلى قريتنا؛ فلم يكن في قريتنا محلات للملابس أو للأحذية . ولم تكن لدينا الاحتياجات الغذائية الضرورية – لذلك كنا نتسوق في مدينة الخضيرة . كلما ذهبنا إلى هناك – شعرت بالسرور . فمن جهة كانت هذه بمثابة فرصة لي للخروج من القرية وكنت بحاجة ماسة إلى ذلك؛ فقريتنا كانت مملة بالنسبة لي . ثم تعودت السفر إلى حيفا أكثر من باقي الأولاد في العائلة وكان السفر إلى عكا والكابري؛ إما بصحبة أبي وزملائه أو بصحبة العائلة بأكملها بغرض التسوق أو حتى لزيارة عائلة والدتي في الكابري . كنا نلتقي في الخضيرة بالكثير من أصحاب المحلات ، بعضهم أصبحوا من معارفنا الثابتين بسبب كوننا زبائن دائمين لديهم . أحببت التسوق كثيرا ليس فقط بسبب تعلمي أمورا جديدة في كل رحلة ولكن بسبب حصولي على الفرصة لتكلم اللغة العبرية هناك . فكان أبي وأمي يطلبون مني أن استفسر من أصحاب المحلات عن ثمن وجودة البضاعة التي أردنا شراءها . كنت اشعر بأنني شيئ عظيم ، وبأني وسيط بين البائع والمشتري . لم يكن والدي من هواة التسوق فقد كان يحاول تجنبه لكون المال في ذلك الحين صعب المنال وكنت على وشك دخول المدرسة الثانوية وهذا يعني أنني سوف أغادر القرية وسوف أقوم بدفع الرسوم اللازمة للالتحاق بالمدرسة لذلك توجب على أبي ادخار كل قرش لهذا الغرض . منعنا من زيارة إي مدينة أخرى عدا الخضيرة ، سمح لنا بزيارة الناصرة ، وهي مدينة كل العرب ، ولكنها كانت تبعد ضعف المسافة الى الخضيرة والذي كان معناه مصاريف لعائلة تتكون من تسعة أفراد . صعوبة أخرى كانت المواصلات ، كان يتوجب علينا تبديل حافلتين ، ولكن في نهاية الأمر فان هذه كانت اقل الأمور أهمية . وكان أيضا الحصول على إذن من الحاكم العسكري للسفر إلى الناصرة غاية في الصعوبة ، إذ أن الأقلية العربية عدا هؤلاء الذين كانوا مبعثرين داخل المدن اليهودية ، كانوا يقعون تحت الإدارة العسكرية . معنى ذلك هو انه حتى يتسنى لأي شخص مغادرة القرية كان يتحتم عليه تقديم طلب خاص . وقد استمر الأمر على هذا الحال حتى سنة 1965 حيث تم إلغاء الأمر بعد صراع نشب من قبل العرب واليهود المتحررين وعدد من المؤسسات . دائما حظيت الناصرة بمركز خاص حتى من الناحية الأمنية ، فلقد كانت المدينة العربية الوحيدة في إسرائيل والتي لم تفقد قيادتها ومفكريها . هذا الأمر جعل من الصعب على السلطات التعامل مع هذه المدينة ، فالناصرة كانت زاخرة
|
دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات ע"ר
|
|