سامي مرعي وفرضية الاتصال

صفحة: 72

إسرائيل ،( كانوا يعدوننا لإلقاء الأناشيد المؤيدة لدولة إسرائيل ، والتي بدأت تحل محل الأناشيد القومية التي تعلمناها قبل ذلك . في صباح ذلك اليوم ، علمنا بأننا أتينا للمدرسة فقط من اجل الاحتفال بقيام دولة إسرائيل وليس للتعلم ، المفتش اليهودي قام بزيارة مدرستنا مع الحاكم العسكري الإسرائيلي ، فهم صدقوا بأننا أحببنا العرض وبأننا صادقين في حبنا لهم ، وفي غنائنا وفي رقصنا ، وبالنسبة لي كنت أشعر أنهم ساذجون طالما صدقوا الأمر . كان المفتش وجهه أحمر ومستدير وثخين الرقبة ، ولكن الحاكم العسكري لم يكن كذلك ، فهو لم يشبه الأوروبيين ، وملامحه كانت شرق– أوسطية . والغريب إنني لم اكره المفتش بالرغم من حقيقة انه كان طبق الأصل للصورة التي رسمتها في خيالي لليهودي . كرهت الحاكم العسكري ، بالنسبة لي كانت هذه تجربة حقيقية فمن خلالها أدركت بأنه ربما لم اكره اليهود كأشخاص ولكني كرهت الجندي اليهودي ، ذهبت إلى أبي ، لأنني كنت بحاجة إلى حل هذا التناقض من أجل راحتي النفسية ، طمأنني والدي وأضاف بان الحاكم العسكري كان سخيفا لأنه كان يتوجب عليه القدوم إلى المدرسة بلباس مدني لا عسكري . حتى الان ، لا اعرف لماذا طوال فترة الحرب لم أتخيل شخصية الجندي اليهودي ، فكنت أعمل على طمس هذا النوع من الصور ، فربما كانت مخيفة جدا بالنسبة لي من أجل التعامل معها . حماستي واهتمامي بالمدرسة استمرا في التناقض؛ فالمدرسة كانت تفتقر إلى المعدات ، والفروع ، والكتب . والمعلمون كانوا صغار السن وغير مبالين . والاهم أن كل شيء كان مزيفا . وأنا بدوري اكره التزييف ، عمل أبي على مراقبة تصرفاتي هذه ولاحظ بأنني حافظت على معدل علاماتي المرتفع ، ولكن الأهم من ذلك هو أن أبي كان يزودني ، باستمرار ، بالكتب والتي تمحورت حول التاريخ والحضارة ، كانت هذه الكتب إما سهلة جدا أو صعبة جدا فلم أحبها كثيرا . دائما أردت الانتساب إلى مدرسة جيدة لتساعدني على التخلص من اللامبالاة المأساوية والتي مكنت اليهود من هزيمتنا . على الأقل هكذا فهمت الأمور وذلك بسبب مناقشة المعلمين وأبي لها ، وكما يبدو جل الاهتمام تمحور حول لا مبالاتنا وحكمتهم؛ فان العديد منهم كانوا يتوجهون إلي قائلين : " انظر ما هو تأثير التعليم وما هو تأثير الإهمال" هذا التلميح كان واضحا .

السابق:  |  التالي