|
|
صفحة: 64
لم نجرؤ على طلب أي شيء منها . واذكر أن جدتي كانت تأتي لزيارتنا لإقناع أمي بان تعدل عن حزنها الشديد حيث كانت تقول لها بان عليها اخذ الأمور ببساطة أكثر وبأن تؤمن بما كتبه الله ، بعدئذ كانت تتوجه إلى الله قائلة : " يا رب ، ساعدنا للتغلب على اليهود . " في خضم هذه الأحداث كل ما احتجت إليه هو أن يأتي شخص ليخبرني بأن اليهود قادمون ، لكي أتمكن من الجري بأقصى سرعتي حتى يتسنى لي الوصول إلى ما ندعوه أنا وأصدقائي بالمكان الآمن ، كنا نترقب بقلق شديد ما إذا كان اليهود قادمين أم لا ، جدتي أحبت اكتشافها هذا حتى أن أبي في احد الأيام ، عندما رآنا نجري سألنا؛ لماذا نتصرف وكأن هنالك وحشا يطاردنا ، وانه كما يبدو قام بالتحدث مع جدتي حول الأمر وقال لنا بأنه سيقوم بمعاقبتنا إذا أزعجنا جدتي . ما زلت أتعجب لماذا لم تقم جدتي بإخبار أبي عن المشاكل التي كنت اسببها لها طوال الوقت ، على ما يبدو بأنها كانت تحبني جدا لدرجة أنها لم تكن تريد إغضابي ، أظن بأني قد شعرت بهذا الأمر بعد ذلك وصرت أتردد عيها أكثر لزيارتها . خلا تلك السنوات ، وحتى بعدها ، لم أتمكن من تجنب القلق والاضطرابات التي تملكتني ، حاولت دائما ان أكون مستيقظا وأنبه أمي بأن لا تنسى أخي الصغير في حال مجيء اليهود إلى قريتنا ، دائما حاولت توفير مصروفي اليومي تحسبا لما قد يحدث؛ فقد كان المال مشكلة للجميع في تلك الأثناء ، غالبية أبناء القرية كانوا فقراء وكانوا يعانون بسبب عدم تمكنهم من زراعة الأرض أو حتى من جني محاصيلهم ، كانوا يتسللون إلى الحقول بعد حلول الظلام لإحضار ما تيسر من القمح والفاكهة . أتذكر صعوبة الاغفاء في فراشي فقد كان النوم بحد ذاته يرعبني . كنت أخشى ما قد يحدث لو جاء اليهود وأنا أغط في النوم ، عندها لن يحالفنا الحظ وسوف نصبح لاجئيين فقد كان خيالي واسعا جدا ، آنذاك لم أكن في يوم على علاقة مع شخص يهودي فمن خلال مخيلتي نسجت الشخص اليهودي ، فكان مستدير الرأس واحمر البشرة ، ذو رقبة سميكة وبالنسبة لي كالوحش العملاق – قادر على كل شيء .
|
دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات ע"ר
|
|